الجمعة


يبدو أن الرئيس الامريكى لم يتعلم من دروس الماضي والخاصة بتصريحاته الغيرمسئولة والتي تحمل في طياتها حقد دفين وعنصرية واضحة وما يكنه في أعماق نفسه من هواجس تجاه عالمنا العربي والاسلامى بالإضافة إلى سوء اختيار التوقيت لهذه التصريحات وهي طبيعته ، وكثيراً ما كانت تعالج الإدارة الأمريكية والدوائر المحيطة بها ما يترتب عليها من تبعات كما حدث عند التحضير لغزو بلاد الرافدين بإعلانه أن هذه الحرب حرباً صليبية هكذا قال وهى حقيقة ما يدور بخلده وإستراتيجيتة منذ تولى مهام الرئاسة وكذلك في تصريح آخر معلناً بكل صلف وغرور من فوق أحد أكبر القطع البحرية الأمريكية إنتهاء الحرب فى حين أن الحرب لم تكن قد وضعت أوزارها بعد وأن هناك طرف آخر للمعركة لم يقل كلمته بعد ( المقاومة العراقية ) كانت فقط إستراحة محارب لبدأ جولة جديدة والمنتصر هو من يقول كلمته فى النهاية وغيرها من التصريحات الخائبة عن إستراتيجيات وخطط أمنية لكسب رهان الإنتصار في العراق وخلق الحجج وتلفيق الأحداث وإستبدال الأشخاص . وفى زحمة التصريحات البوشية المنهمرة قد يلمح اقل متابع لها أن كثيراً منها يحمل في طياتها ضعفاً عاماً في تركيباتها اللغوية وإنتقاء المعانى على الرغم من الإعداد المسبق لها . وقدرات محدودة في فن التعامل المباشر مع الشخصيات العامة والصحفية من حيث المناورة والفهم ومن نوادره أنه كان فى إستضافة ملكة بريطانيا على عربة تجرها الخيول وصدرت رائحة من الخيول فتبسمت الملكة قائلة قد تحدث أمور خارجة عن سيطرة الملكة فرد فى جدية عجيبة وبلاهة بالغة كنت سأظلم الخيول !!! والقصص عديدة واكثرمن أن تحصى ولكن ما أستوقفنى أخيراًً ما صرح به جورج بوش متمنياً أن تتحقق الديمقراطية الإسرائيلية في العراق فهل يعد هذا التصريح من عينة التصريحات البوشية العنصرية أم له أبعاد وأهداف عميقة أقولها وأنا كلى ثقة أن هذه المرة خاصة وفى هذا الوقت إنه يعي جيداً هذا التصريح وهو لا يخاطب به شعبة "الداخل الامريكى" لإن في الوقت الحالي لا يهم المواطن الأمريكى أن تتحقق الديمقراطية في العراق أو لا تتحقق إن في أولى إهتماماته الا يتحمل المزيد من تكاليف هذه الحرب الخاسرة من مليارات ترجع أعبائها عليه وكذلك إيقاف نزيف وسقوط المزيد من أروح أبنائهم أو عودتهم مرضى نفسيين ومعاقين ، وهو كذلك لا يخاطب الشرق الأوسط ومنطقتنا العربية لما لنا من تجربة وتاريخ من الصراع الطويل مع الدولة الصهيونية ونحن أعلم بديمقراطيتها وأفاعيلها من عينة ديمقراطية الإستعمار والحصار والتجويع وقتل الأجنة في الأرحام وخلق الفتن وشراء الذمم وقد أكدت إحدي المنظمات الأممية والمعنية بحقوق الإنسان علي قيام إسرائيل بانتهاك القانون الدولي وذكرت المنظمة في تقرير لها عن قيامها باغتيال "4829 " فلسطينيا منذ اندلاع انتفاضة الاقصي الثانية وأن من بين شهداء إنتفاضة الأقصي "925" طفلا و"297" امرأة و"360" من قوي الأمن و"523" استشهدوا علي حواجز الأحتلال العسكرية وإن "67" فلسطينياً استشهدوا علي أيدي المستوطنين وإن من بين الشهداء عشرات الصحفيين والأجانب وفرق التضامن الدولية والعشرات من الكوادر الطبية أما عدد المصابين فحدث ولا حرج وأن التصعيد ما زال متواصلاً وعمليات الإغتيالات والقصف للضفة وغزة مستمر والحصار مستمر وبناء الجدار العازل مستمر وبناء المستوطنات ومن صابرا وشاتيلا ودير ياسين وجنوب لبنان وبنت جبيل وجنين ومجزرة بيت حانون والتي راح ضحيتها "20" شهيدا و"45" جريحاً أغلبهم من النساء والأطفال ، أى ديمقراطية إسرائييلية تريد أن تصبح عليها العراق وأي نموذج يريد يطبقه بوش في العراق بل أي مستقبل لمثل هذه الديمقراطية إذا كان هو نفسه غارقاً في وحل العراق الدموي أي عراق هذا الذي يفتقد شرعية الإستقلال والسيادة الوطنية أي عراق هذا الذي تفتقد مؤسساته أبسط قواعد الشرعية من برلماناً وحكومة وأمن وجيش ، أي عراق هذا الذي يجري تقطيع اوصالة و أوصرة الديموغرافية وتقسيمه شمالاً وجنوباً ووسطاً شيعة وسنة وأكراد وغيره أي عراق هذا الذي غابت فيه الدولة وحكومة وأمن وصم بالخيانة والعمالة يحتمون خلف الجدران الأسمنتية أي عراق هذا الذي يتمزق أهله من القتل والإقتتال الطائفي والعنصري أي عراق هذا والملايين من أبنائه تركوا منازلهم وديارهم وقراهم لا وهاجروا وتهجروا للخارج والداخل بفضل حكماء ومراجع القتل الذي يجري علي قدم وساق أي عراق هذا الذي تعربد فيه أبشع وأقذر أجهزة المخابرات في العالم أي عراق هذا الذي يريده هذا الأفاق وقواته شيدت أكثر من ألف سجن و معتقل وأصبح العراق سجناً كبيراً علي أبنائه أي عراق هذا الذي أصبحت أرضه اكبر مقبرة جماعية عرفها تاريخ البشرية في العصر الحديث أي عراق هذا الذي تباع فيه وتنهب ثرواته وأثارة وحضارته وتاريخه وأمجادة علي أرصفة وحواري أمريكا وإسرائيل أي عراق هذا و بوادر هذه الديمقراطية بفضل عملائه ومرتزقته قد بدأت تظهر وتلوح وما تكشف من فضائح وما لم يتكشف منها بعد يدل على ذلك إن هذا هو مخططه الحقيقي وإلى الجحيم وعوده بمستقبل ديمقراطي زاهر للعراق ومن الإرهاب العسكري إلي الإرهاب الفكري والمعنوي يأتي هذا الأفاق المخادع يبشرنا بديمقراطية إسرائيل هذا التضليل الزائف المشبوة الذي ترسم معالمه الصهيونية العالمية المتحكمة في إعلامه وإقتصاده وسياساته . ومدلول هذا التصريح واضح وما هو إلا رسالة يريد إرسالها بوش إلى العالم وهو أن الدولة العبرية نموذجا وقمة للديمقراطية ومثال يحتذي بها والهدف من وراء ذلك تجهيز المسرح الأممي والدولي وشرعنة للدور الفعال والأجرامى الذي ستقوم به إسرائيل في القريب سواء على الساحة اللبنانية أوالسورية أوالفلسطينية أوحتى الإيرانية ومن ليس مع إسرائيل فهو ضدي وتكميم وخنق لأى صوت قد يخرج ويتهم إسرائيل بإرتكاب الجرائم أوأي هدر لحقوق الإنسان فهي دولة وصلت لقمة وذروة الديمقراطية والتي يجب أن تسير كل دول العالم على درب ديمقراطيتها فبئس البشرى وبئس النذير. .