الجمعة


أياً ما تكون دوافع أو أسباب وتفاصيل الصفقة التي تمت بين ليبيا وبلغاريا والمفوضية الأوربية للعلاقات الخارجية بوساطة سيسليا زوجة الرئيس الفرنسي ساركوزي عند زيارتها إلي ليبيا قبل زيارة زوجها بثلاثة أيام في الأسبوع الماضي فهذا حق الجماهيرية. وكنا قد تناولنا من قبل في مقالة للوعي العربي بعنوان الازدواجية الأمريكية والمعايير الدولية عن الموضوع الذي أثاره بوش عند زيارة بلغاريا في الشهر الماضي وجاءت في سياق المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيرة البلغاري في صوفيا والذي عبر فيها عن مطالبة الدولة الليبية بالإفراج الفوري عن الممرضات البلغاريات المتهمات بالقتل العمد لمجموعة من الأطفال الليبيين وحقنهم بفيروس الايدز القاتل على الرغم من ضمان محاكمات عادلة لهم وباعتراف كل المنظمات الحقوقية التي أشرفت علي التحقيقات معهم ولنا ان نتخيل لو اختلفت الأدوار وأصبح الجاني مجنيًا عليه هل كان سيقف نفس هذا الموقف ويطلب العفو عن مرتكبي هذه الجريمة الشنعاء أم أن دماء واغتيال البراءة في عيون أطفالنا لأتساوى شيئا في حساباتهم وإن طلب العفو هذا ماهو إلا مخاطبة لود بلغاريا ودول أوربا الشرقية وعلى رأسها التشيك وبولندا للشراكة في منظومته الدفاعية الجديدة وبصرف النظر عما إذا كانت ليبيا قد رضخت إلي هذه التعليمات أم لا فهذا يرجع إلي سياستها في التعامل مع هذه القضية وعما سوف تحققه من مكاسب وراء هذه الأزمة إلا أن أسلوب أوربا والغرب والازدواجية في المعايير والانفصام في التعامل مع قضايانا العربية هي التي تشكل عمق الأزمة التي نعيشها الآن والمشكلة أن أنظمتنا العربية التي تعمل بنظام بال/ وسيكام هي المسئولة عما وصلنا إليه الآن من نكسات ونكبات لان المشكلة تكمن أكثر في هذه الأنظمة المشفرة .إلا أن تسييس هذه الأزمة القانونية أعطي مؤشرات علي أن الجماهيرية الليبية عقدت صفقة مع أوربا والغرب علي إطلاق سراح المتهمات الست مع الطبيب البلغاري الفلسطيني سابقا مقابل صرف تعويضات لأهالي الأطفال الضحايا وخاصة بعد أن حٌوصرت الجماهيرية وأغلقت في وجهها كل الأبواب وتركت تواجه مصيرها بمفردها وقد أكدت الجماهيرية علي لسان وزير خارجيتها عبد الرحمن شلقم بان بلاده وقعت إتفاق تعاون مع الإتحاد الأوربي والذي يتضمن شراكة وتعاون مع الجماهيرية كما أن هذا العفو جاء طبقا لاتفاقية التبادل القضائي الموقع بين الجماهيرية وبلغاريا عام 1984 والذي لم نسمع عنه شئ مع بدء هذه القضية منذ أكثر من عشر سنوات . ولقد ساهم سيف الإسلام القذافي ابن الرئيس الليبي بتدخله في عقد هذه الإتفاقية كما لو كان مصير هذه الدول وقراراتها الخطيرة مرهونا بأيدي أبناء حكام هذه الدول و الذي أراد انهاء هذه القضية بأي طريقة ترضي الغرب وخاصة فرنسا وزوجة رئيس فرنسا دون النظر إلي التداعيات التي تحيط بهذه القضية حتي انه اوجد المبررات الخاصة والمعاذير القانونية لتبرئتهم مرجعاً أسباب الأتهام إلي تظرية المؤامرة مخالفاً بذلك سياسة بلاده وتمسك القذافي في كل تصريحاته بالادانة الكاملة لهؤلاء المتهمات إلي هنا والأمر حق للجماهيرية الليبية . إلا إن تفريطنا في حقنا العربي إلي هذا الحد الذي أصبح فيه المواطن العربي ليس له ثمن وأصبح رخيصاً إلي هذا الحد ولا يساوي شيئا في هذا العالم فكل يوم تنتهك أدمية المواطن العربي في العراق وفلسطين وأفغانستان والسودان والصومال علي أيدي هؤلاء القتلة دون أن يحرك فينا نخوة أو شهامة أو ذرة من الكرامة والكبرياء لضغوط هؤلاء المجرمين وان ما حدث ويحدث كل يوم في سجون العراق وجونتانامو والسجون السرية التابعة لهم في عموم دول أوربا والدول العربية لهي خير دليل علي إنتهاك حقوق الإنسان العربي علي أياديهم الملوثة بدماء الأبرياء من العرب والمسلمين وأخيراً يخرج علينا وزير خارجية الجماهيرية مولولاً مطالبا فيها بقطع العلاقات الدبلوماسية والتعاون الاقتصادي مع بلغاريا بعد أن أصدرت عفوًا عن خمس ممرضات وطبيب فلسطيني الأصل أوقفتهم ليبيا لإدانتهم بتعمد نقل فيروس الإيدز إلي 443من الأطفال الليبيين معتبرة هذا العفو خيانة وخرق للاتفاقيات وقال إن الطريقة التي أطلقت بها بلغاريا سراح الممرضات إحتفالية خرقت القوانين والاتفاقيات الدولية بيننا وبينهم مشيرا إلى انه كان من المفترض أن يسجن أعضاء الفريق الستة لدى وصولهم إلى صوفيا . وهدد بان ليبيا ستلاحق بلغاريا قانونيا كما سنطلب من فرنسا التي ضمنت بلغاريا أن تتعهد لها بإعادة سجن الممرضات والطبيب الفلسطيني وقضاء فترة العقوبة الصادرة في حقهم جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي العالمي الذي عُقد في طرابلس واتهم شلقم الرئيس البلغاري " جورجي برفانوف" بمخالفة الاتفاق المبرم مع طرابلس بالعفو عن الممرضات البلغاريات إثر قيام ليبيا بترحيلهم ووصولهم إلي مطار صوفيا. وفي ذات السياق طلب شلقم بريطانيا ضرورة إعادة النظر في قضية الضابط الليبي "عبد الباسط المقراحى" المسجون في بريطانيا بعد إتهامه بالضلوع في تفجير طائرة "بان أمريكان" فوق لوكريي الأسكتلندية وذلك على غرار ما حدث مع الممرضات البلغاريات وكان من المنطقى وضرورة دخول "المقر احي" ضمن هذه الصفقة مسبقاً فارويا لم تهنا ولم تنام حثي حصلت علي أبنائها البلغار وكان من الأجدر علي الجماهيرية أن لأتوافق علي هذه الصفقة حتي عودة إبنها "المقراحي" من بريطانيا وأعلنت ليبيا أنها قدمت طلبًا رسميًا لجامعة الدول العربية تطالبها فيها بقطع العلاقات الدبلوماسية والتعاون الاقتصادي مع بلغاريا كما لوكانت الجامعة العربية لها تاريخ يذكر في أي قضية تمس العرب فأين كانت الجامعة العربية عندما أستبيحت أرض العراق من كل الأعداء والعملاء دون شرعية دولية عندما قام المحتلين الغزاة القتلة وعملائهم من الأذناب بإعدام الرئيس العراقي صدام حسين الرئيس الشرعي وهو أحد كبار الأعضاء المؤسسين للجامعة العربية بعد مهزلة من العبث أن يطلق عليها محاكمة . وأين كانت الجامعة العربية عندما قتل السفير المصري" إيهاب الشريف" وغيره من السفراء العرب علي أيدي العملاء والغزاة . وأين كانت الجامعة العربية وماذا فعلت أثناء حرب تموز في لبنان وقتل عشرات الأطفال في مذبحة قانا الثانية اللهم زفرات من دموع السنيورة أثناء انعقاد مؤتمر القمة في بيروت أين كانت الجامعة العربية عند اجتياح الجيش الصهيوني غزة وجنين وقتل الرجال والنساء والأطفال حتي الحجر والشجر لم يسلم من هؤلاء القتلة المجرمين وماذا فعلت الجامعة العربية بعد علمها واعتراف إسرائيل بقتل الأسري المصريين عام 1967 ودفنهم أحياء في قبور جماعية في سيناء ماذا فعلت لسامي الحاج الصحفي السوداني المحبوس في سجن جونتانامو منذ سنوات ظلما وعدوانا وآخرين غيره أمثال تيسير علوني الصحفي السوري والمتهم والسجين في اسبانيا في قضايا ملفقة فقط لكونه عربيا ومسلما وغيرهم الكثير والكثير فماذا تفعل الجامعة العربية بعد إتمام عملية البيع ؟؟ ولكن هل ينفع البكاء علي اللبن المسكوب !! والأغرب من ذلك هو مطالبة أهالي الأطفال الضحايا بعودة الممرضات المتهمات إلي ليبيا لقضاء هذه العقوبة وكذلك الطبيب الفلسطيني سابقا والذي تم منحه الجنسية البلغارية للإستفادة من العفو والهولندي حالياً للإقامة وإن المثير للحسرة ان كل من تحمل عبأ الوساطه من الشخصيات العربية من أمراء النفط فى هذه التسوية أو الصفقة لم يأخذوا في إعتبارهم شخص المتهم الفلسطيني وكان من الأجدر فى هذه التسوية حصوله على هذا العفو بجنسيته الفلسطينية أومنحه أى جنسية عربية ولكن منحه الجنسية البلغارية كان له جواز مرور للحصول على هذا العفو كما لوكانت الجنسية العربية عاراً وشناراً على حاملها ولا عزاء للأمة العربية و للجماهيرية العربية الاشتراكية العظمي وهنيئاً لبلغاريا علي أبنائها ورحم الله الزعيم مصطفى كامل الذى لوكانا يحيا بيننا اليوم لقال كلمته المشهودة لو لم أكن بلغاريا لوددت أن أكون بلغاريا