الأحد

مدلول متغـــــــــــيرات ومستــــجــدات الـــواقـــع الأمـــريــكي الإيـــرانـــي
  
               



فى الوقت الذي اتجهت فيه الأنظار نحو بلاد العام سام حيث قمة انا بوليس التي انفضت وانفض مولد سيدي سلام والذي تم وأده في مهده من قبل راعيه الرسمي الولايات المتحدة الأمريكية التي تقدمت في غمرة النشوة والإنتصار بعقد هذا المؤتمر الخريفي التخريفي بمشروع لمجلس الأمن لإكمال الصورة لدعم نتائج المؤتمر وإستئناف عملية السلام وفي تواتر سريع للأحداث غير مستغرب قيام الإدارة الأمريكية بسحب هذا المشروع من مجلس الأمن لتحفظ إسرائيلي دون أي رد فعل أو حتى تعليق من الدول التي شاركت في هذه القمة الفسفورية ، في تلك الأثناء تتغير بوصلة الأحداث صوب الدوحة العاصمة القطرية حيث إنعقاد قمة دول مجلس التعاون الخليجي والتي تحظي هذه المرة بعدة أمور تختلف به عن القمم السابقة حيث شهدت عودة العلاقات الودية السعودية القطرية وحضور الملك عبد الله العاهل السعودي مجريات القمة وهو ما أضفي عليها مزيد من الأهمية والثقل بالإضافة لدعوة بعض الشخصيات والمنظمات وهو أمر اعتيادي بالنسبة لمثل هذه القمم ولكن ما يعد مفاجئة ويلفت الانتباه هو دعوة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وهي المرة الأولي التي يتم فيها توجيه دعوة رسمية لرئيس إيراني منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي في مايو 1981 ولسنا الآن بصدد مناقشة محاولة إيران إستثمار هذه القمة من أجل تقديم ضمانات حول برنامجها النووي من النواحي السلمية والبيئية والدعوة لاتفاقية الأمن الجماعي مع دول مجلس التعاون، فهل هذه الدعوة الخليجية الكريمة لإيران في تلك المرحلة المفصلية الهامة من تاريخ المنطقة من منطلق خليجي بحت وحقا من أجل فتح صفحة جديدة من العلاقات الودية مع الجارة الطموح إيران دون أن يشوب هذا الأمر أي إشارات أو أجندات خارجية طمعا في ترويض إيران وأن هذه القمة ما هي إلا قمة ترويجية ترويحية مجانية لاحتواء إيران خليجيا كخطوة أولي واستكمالا لتغليب نظرية المؤامرة هل يكون من باب المصادفة عقب إنتهاء القمة الخليجية خروج تقرير من الإستخبارات الأمريكية يشير بتوقف برنامج التسلح النووي الإيراني منذ عام 2003 وأن من شأنه تغير مواقف كثير من الدول تجاه إيران وعلي رأسها الصين التي أعلنت ضرورة مراجعة صياغة مشروع قرار العقوبات الذي تم إعداده في باريس فى الأول من كانون أول بالإضافة لإحراج البعض ممن يتبنى موقفا متشددا ضد إيران ، وقد يكون من الصعب بعد هذا التقرير التصديق في المستقبل القريب على عقوبات جديدة ضد إيران . وكذلك إعلان روسيا الانتهاء من الإعداد لتسليم إيران أول محطة نووية لتوليد الطاقة في بوشهر وبذلك تكون روسيا والصين خارجتان عن الإجماع الغربي ، ولكن مازالت تصريحات الإدارة الأمريكية وعلي لسان الرئيس بوش تتسم بالصلف علي الرغم انه شهد شاهد من أهله فيؤكد بوش أن إيران لاتزال تمثل خطراً ولم يتغير في الأمر شيء وقد أعترف ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي وهو من جماعة اليمين المتشدد مؤخرا بان التقرير الأخير سيقف حائلا دون تنفيذ أي عقوبات جديدة ضد إيران علي الرغم تشدده في السابق ولكن مطالبا إياها مزيدا من التجاوب الإيجابي حول برنامجها النووي لكسر طوق العقوبات والعزلة عليها علي الرغم من أن هذا التقرير الأمريكي الأخير لم يمنع من تغيير بعض الدول عن موقفها من طهران وخاصة الموقف الفرنسي والبريطاني حيث صرحت كل من الدولتين بضرورة عدم التوقف عن القلق الذي يسببه الملف النووي الإيراني فأي تجاوب أكثر من التفاوض مع هيئة الطاقة الذرية وتطابق تقاريرها مع التقرير الأمريكي والإعلان مراراً وتكراراً علي لسان لاريجانى وروحاني وجليلي ومتقي ومن أصغر سلطانية لأكبر سلطانية علي الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي ثم أي عقوبات وعزلة يتحدث عنها وأنه حيال تنفيذ مثل هذه العقوبات فعليا يكون المتضرر الأكبر الاقتصاد الأمريكي والأوربي حيث يتخطي برميل البترول حاجز 200 دولار علي أقل تقدير كما أن أمريكا التي تقود مسار ونبرة التصعيد ضد طهران أصبحت اليوم تجد نفسها أمام تحديات خطيرة أكثر من أي وقت مضي وخاصة الوضع المتدهور لجنودها في العراق وقدرة إيران علي تهديد أمن وإستقرار البلاد وكذلك تهديدها إمدادات البترول في الخليج وإستمرارها في تقديم العون والدعم لحلفائها العراقيين والتي دفعت بهم الي الصفوف الأولي في الحكومة والبرلمان و الميلشيات المسلحة . إذن هذا التقرير وخروجه في مثل هذا التوقيت يثير كثير من علامات الاستفهام والجدل و خاصة في إستمرار الإدارة الأمريكية حيال موقفها المتشدد هل هي لعبة العصا والجزرة تمارسها الولايات المتحدة مع إيران لحلحلة العلاقات فيما بينهما وأن دعوة إيران للقمة الخليجية ما هي إلا خدمة توصيل الطلبات علي آنية من ذهب عبر المؤتمرات والقمم العربية كما أن أمريكا تعلم أن إيران ومنذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 وسيطرة حكومة الملالي علي البلاد لها خبرات إستراتجية وقدرة علي المراوغة والمساومة عندما تسمح الظروف السياسية بذلك كما أن النفوذ الإيراني الإقليمي يعد اليوم هو الأقوي بسبب تراجع الدور العربي لقضايا المنطقة وخاصة دورها في دعم القضية الفلسطينية وحرب تموز الأخيرة في لبنان وكذلك مواقفها السياسية الداعم لسوريا فالسياسة الإيرانية تملك العديد من أوراق اللعبة علي طاولة الورق وأهمها العراق وأفغانستان وان صناع القرار في طهران يدركون بطبيعة الحال هذه المتغيرات ، لذلك فهي تتعامل مع المجتمع الدولي ، من هذا المنطلق ، وربما يكون أخيراً قد أيقنت العصابة الأمريكية وزعيمها بوش بان لن ينقذها من وحل ومستنقع العراق إلا مد طوق النجاة لها من إيران ولذا يحاول بوش وعصابته بفتح زوايا في الجدار التفاوضي عن طريق أصدقائها في الخليج ولذا جاءت هذه الدعوة لأحمدي نجاد لحضور القمة الخليجية والتي أظهرت كرماً عربيا مفاجأ في علاقتها مع إيران الأمر الأخر الذي دعا الي تناغم اللغة بين الإدارة الأمريكية وإيران هي أن القدرة العسكرية الإيرانية قد شهدت في الفترة الخيرة تطورا تسليحيا متقدما ولديها منظومة صاروخية من الأسلحة الروسية الحديثة بالإضافة الي تطوير قدراتها القتالية العالية من سلاح بري وبحري ولذا كل هذا يدعونا للتساؤل عن ماهية حقيقة هذه الصفقة ومن ثم ظهور هذا التقرير اللهم إلا إذا كان فاصل من تبادل العزف المنفرد بين العدوين اللدودين للوصول إلي حلول توفيقية بطرق غير مباشرة بين الطرفين بمقتضاها تغض الولايات المتحدة الطرف ولو مؤقتا عن النشاط النووي الإيراني مقابل تقديم إيران يد المساعدة للولايات المتحدة لانتشالها من الغرق في المستنقع العراقي وتهدئة الأوضاع هناك وتمكينها من خفض عديد قواتها وإن صدقت هذه الرؤية فان إيران تكون قد حسمت هذه الجولة بالنقاط وليس بلمس الأكتاف وتأجيل الصراع لحين إشعار أخر فهل ستنجح إيران في التعامل مع ملفها النووي مما يضع الدبلوماسية الإيرانية في اختبار صعب حول تلك المتغيرات الدولية هذا هو السؤال الذي سوف تكشف عنه الأيام القادمة وما تخفيه المفاجآت المأسوية علي الصعيد العسكري في العراق بعد ازدياد وتيرة ضربات المقاومة العراقية لجنود الفاصوليا الأمريكية وعن تعاظم الدور الإيراني فيها مع تراجع الدور العربي الذي سوف يكون له أكبر الأثر علي العلاقات العربية الإيرانية وخاصة مع تحييد الدول العربية وإنضمامها الي ما يسمي بدول الاعتدال العربي مع تزايد التهديدات الإسرائيلية لضرب إيران ضربات سريعة وموجهة ومركزة للمنشات النووية وأن هناك خططا جاهزة تأتي في هذا الإطار.
الـــوعـــي الـعـربـي