الأحد


دعوة المجاهد عزة الدوري فرصة استثنائية لوحدة فصائل المقاومة

عوني القلمجي


من بين الاشكالات التي عانت منها مسيرة المقاومة العراقية في صراعها الدموي ضد المحتل الامريكي، تعثر وحدة فصائلها، في حين ان جميع هذه الفصائل قد انضوت تحت هدف واحد هو تحرير العراق ووضعت الجهاد المسلح في صدارة الوسائل لبلوغ الهدف المنشود ، ناهيك عن ان غالبية هذه الفصائل ارتبطت فيما بينها بصلات وعلاقات متطورة وتنسيق ميداني في مراحل معينة . وعلى الرغم من ذلك لم تبذل قيادات الفصائل ولا الجبهات التي قامت لاحقا ،اية جهود تستحق الذكر باتجاه الوحدة، حتى اصبح الحديث عنها مملا والنقاش حولها غير مجدي . وفي الاونة الاخيرة ازداد الوضع سوءا مع مجيء باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة الامريكية،حيث تطلعت اليه عيون العديد من الفصائل والقوى المناهضة للاحتلال عسى ان يتكرم عليها ويجري مفاوضات معها حول وعوده بالانسحاب المزعوم من العراق وتركه الى اهله.!!!! ،الامر الذي اضاف عقبة اخرى امام طريق الوحدة المنشودة. في ظل هذا الوضع غير المطمئن يتقدم المجاهد عزة الدوري، وللمرة الثانية خلال فترة قصيرة، بدعوة جميع الفصائل الجهادية المسلحة في الميدان وكل الأحزاب والمنظمات والتيارات والشخصيات داخل الوطن وخارجه ،إلى إقامة وحدة الجهاد الشاملة على أساس ثوابت التحرير والاستقلال، وذلك بتشكيل مجلس وطني أو مجلس سياسي أو قيادة عليا موحدة تضم كل قوى المقاومة المسلحة والغير مسلحة. وعزا ذلك الى كون المعركة اصبحت صعبة وشاقة واتخذت طابع الحرب الطويلة الامد، ثم حدد هدفها الأول بتوحيد الموقف الجهادي والخطاب السياسي والإعلامي وتفعيله وتصعيده. وردا على ادعاءات البعض بان حزب البعث يسعى الى العودة للسلطة وحكم البلاد كما حكمها في السابق، أكد على ان الحكومة الوطنية بعد التحرير تكون مؤقتة وتشكل من وسط المقاومة للإعداد للانتخابات الشعبية التأسيسية التاريخية لكي يختار شعب العراق قيادته التي يثق فيها.لا يخفى باننا كنا على الدوام حريصون على الدفع باتجاه انجاز مهمة وحدة فصائل المقاومة، وفي نفس الوقت كنا لا نخشى من توجيه الانتقادات الى اي جهة تتلكأ او تختلق الاعذار او تضع العقبات في طريق الوحدة، وعلى هذا الاساس دعونا الجميع الى دعم مبادرة المجاهد عزة الدوري لوحدة فصائل المقاومة قبل حوالي اكثر من اربع شهور، واليوم نقف مرة اخرى الى جانبه ونتمنى ان تستجيب جميع الفصائل والاحزاب والقوى المناهضة للاحتلال لهذه الدعوة المخلصة، خصوصا وان المجاهد الدوري يحتل موقعا متميزا ،ميدانيا وسياسيا ، فهو الى جانب قيادته لحزب البعث العربي الاشتراكي، يقود ،في نفس الوقت، جبهة الجهاد والتحرير التي تعد من بين ابرز الفصائل المسلحة. ناهيك عن ان وحدة فصائل المقاومة اصبحت مطلبا وطنيا وشعبيا ، وان الاستجابة له ضرورة ملحة. ومن نافل القول ، فان من بين اهم المباديء الاستراتيجية في حرب العصابات الحرص على التاييد الشعبي ، خصوصا وان المقاومة العراقية لا تمتلك حصنا منيعا كالجبال او الغابات ولا تمتلك دفاعات حصينة في المدن والبلدات التي تتواجد فيها، فالشعب هو ذلك الحصن المنيع والممول والحامي لها على الدوام.لا نضيف جديدا او نحل لغزا اذا قلنا بان وحدة فصائل المقاومة العراقية لها اهمية استثنائية لجهة الوقوف في وجه المخاطر والمؤامرت التي تتعرض لها المقاومة العراقية ، او لجهة توحيد المواقف للتعامل مع مراحل تطور الصراع او لمواجهة استراتيجية باراك اوباما الغادرة او لجهة منع التداعيات التي قد تحدث في معسكر المقاومة، وتزداد اهمية الوحدة في هذا الوقت بالذات، كون المقاومة العراقية في حالة تراجع ملحوظ او لنقل انها عادت الى مرحلة الدفاع الاستراتيجي، فالوحدة دون غيرها من الصيغ الاخرى ،على الرغم من اهميتها ، كفيلة بتامين الانتقال مرة اخرى من مرحلة الدفاع الى مرحلة التوازن الاستراتيجي، ومن ثم الى الهجوم الاستراتيجي، الذي يعد الوصول اليه حجر الاساس لتحقيق الانتصار النهائي ضد قوات الاحتلال وتحرير البلاد من رجسه البغيض. واي تصور اخر من قبل اي جهة او مجموعة او جبهة مهما علا شانها او قوتها ، بانها قادرة على انجاز مهمة تحرير العراق، فانها ترتكب خطا فادحا يؤدي لا محال الى نتائج وخيمة لا تحمد عقباها. خصوصا وان المحتل هو امريكا التي تعد اكبر قوة عسكرية في العالم. عند هذه النقطة، لا داعي للخشية من الاعتراف بوضع المقاومة التراجعي في المرحلة الراهنة ، فهذا امر لا يعيب ولا يقلل من شان المقاومة او النيل منها او الحط من هيبتها ، بل العكس من ذلك ، فهو يدفعها لان تعيد حساباتها وتراجع مواقفها وتبحث عن الاسباب التي ادت الى ذلك، لتخرج بعدها اكثر قوة واشد صلابة. خصوصا وان هناك اسباب قاهرة ساعدت المحتل وقواته العسكرية على تحجيم قوة المقاومة منذ بداية عام 2008 ومنها ظهور الصحوات السيئة الصيت والسمعة . وقد قدم لنا التاريخ ادلة كافية على ان العديد من حركات المقاومة ضد الاحتلال قد تعرضت لمثل هذه الحالة ثم تغلبت عليها وحررت بلدانها فيما بعد. وبهذه المناسبة فان الخبراء والمتخصصين في هذا المجال نصحوا باللجوء الى التراجع وفق مبدأ يقول ، إذا استطاع العدو أن يكسر هجوم العصابات العام في مرحلة الحسم فإن رجال العصابات ينبغي ان يعودوا من فورهم إلى مرحلة التوازن، واذا استطاع العدو أن يعاود نشاطه بدفعة جديدة رغم توقفه في مرحلة التجمد فإن رجال العصابات يعودون فورا إلى المرحلة الدفاعية البحتة، وهكذا حتى يقتنع العدو بأنه أمام حرب لانهاية لها إلا إذا تنازل عن عناده ، وسلم لرجال العصابات بمطالبهم. هذا يعني بان الانتقال من حالة الدفاع الاستراتيجي الى حالة التوازن تمهيدا للانتقال الى الهجوم الاستراتيجي يصبح امكانية قابلة للتحقيق اذا حدث وتوحدت فصائل المقاومة ، من خلال رسم استراتيجية تتعلق بمجمل عملياتها وتكتكيك يتعلق باسلوب تنفيذ العمليات وتقدم عسكري في الفكر والسلاح وخطة محكمة تعتمد على تخطيط مركزي واع يوظف الانتصارات الصغيرة في خدمة الحرب وهدفها النهائي. الى جانب التعبئة وحشد الطاقات والتوجيه والتثقيف السياسي لمواجهة التفوق المادي للمحتل، فالتأييد الشعبي هو الحليف الطبيعي لقوات المقاومة ، وهو الذي يتيح التوسع ويؤمن الحماية والتمويل والمؤن اللازمة، ليس هذا فحسب وانما يمكن لهذه الوحدة ان تؤمن تأييد دولي مناسب يتيح لها التمتع بعمق سياسي أرحب، وانتهاج وسائل متنوعة مثل إنشاء حكومة مؤقتة، أو فتح مكاتب سياسية في الدول المختلفة، فضلا عن استدرار العطف والتأييد في المحافل الدولية المتعددة.ولكن ليس هذا كل شيء، فالوحدة تدخل حتى في تفاصيل الفعل المسلح ، ففي ظلها تزداد خبرة المقاوم وتمرسه على القتال ويرتفع لديه مستوى التدريب والاستطلاع والمخابرات، بالمقابل تتحسن لدى القيادات العسكرية كفاءة القيادة والسيطرة وسلامة تقدير عامل الارض وخداع العدو واستدراجه واحباط نواياه وشل ارادته وتفادي نقاط القوة واستغلال نقاط الضعف ومراعاة مقارنة توازن قوى الجانبين لتقرير الدفاع او الهجوم. هذه جميعا عناصر القوة والنجاح في مرحلة الهجوم الاستراتيجي، خصوصا عندما تكون قوات الاحتلال في وضعية الدفاع .هكذا فعلت المقاومة الجزائرية والفيتنامية وغيرها. ليس بامكان احد ان ينكر بان فصائل المقاومة ،وفي ظل غياب الوحدة ، قد حققت انتصارات عظيمة وازداد عددها واتسع نفوذها وبلغت مبكرا مرحلة التوازن الاستراتيجي مع قوات الاحتلال ، في حين تطورت معاركها من الكر والفر الى حروب المدن وحرمت قوات الاحتلال من السيطرة على 30 مدينة وبلدة وناحية حسب اعتراف البنتاغون في نهاية عام 2005 بما فيها العاصمة العراقية بغداد، الامر الذي اضطر بوش لزيادة عدد القوات بـ ثلاثين الف جندي في بداية عام 2006، لاعادة احتلال هذه المدن ووضعت بغداد والرمادي في مقدمتها. لكن الهدف من حروب المقاومة تحرير البلاد في نهاية المطاف وليس تسجيل الانتصارات على المحتل. والا تصبح هذه الانتصارات وكل ما حققته المقاومة العراقية الباسلة من انجازات شيء من الماضي. على هذا الاساس ، فان المقاومة العراقية ،وفي هذا الوقت بالذات، اصبحت اكثر حاجة من اي وقت مضى الى وحدة فصائلها ، وان دعوة المجاهد عزة الدوري، تمثل حسب اعتقادنا، فرصة استثنائية فعلا للشروع في انجاز هذه الوحدة، واي تفريط هنا من قبل اي جهة او طرف مهما علا شانه ومكانته، يعد تخليا عن المسؤولية الوطنية والتاريخية وتنكر لكل شهداء المقاومة الذين ضحوا بارواحهم من اجل تحرير العراق. ولا نتردد في القول، بان التذرع في وجود عقبات او موانع تحول دون انجاز هذه المهمة ،التي تاخر انجازها كثيرا ، لم يعد يقنع طفلا عراقيا واحدا. ليس من الحكمة السياسية ولا من حيث مجرى الصراع وتطوره لصالح المحتل ولا من المنطق ان نرى المحتل وعملائه والمتعاونين معه يعدون العدة لابادتنا ونحن حائرون في تصنيف الاحتلالين الامريكي والايراني وايهما الاخطر، ونشاهدهم يوحدون صفوفهم ونحن نكريس الفرقة بيننا، هم مهتمون ببناء دولة مركزية قوية ونحن لا نزال نرى الدولة محصورة في المنطقة الخضراء، هم يتامرون لاحداث شرخ في صفوف المقاومة بتقديم تنازلات لبعض فصائلها ونحن نرفض تقديم التنازلات فيما بيننا ، هم بستقطبون حكام الردة العرب لقتالنا وبعضا منا يستجديهم من اجل المال والسلطة، هم يوظفون الجامعة العربية والامم المتحدة لانقاذ مشروع الاحتلال من السقوط وبعضنا يسعى الى تحرير العراق من خلالهم، هم يمتلكون قرارهم بيدهم وبعضنا يرهن قراراته بيد غيره، هم لهم راس واحد ونحن نتنافس على اي منا يكون الراس الكبيرة على حد تعبير المصريين، هم يعدون لحرب طويلة ضد المقاومة وبعضنا يتحدث عن انتصار مرتقب او اصبح قاب قوسيين او ادنى.ترى هل هناك من سبيل لتغيير الكفة المائلة وقلب الطاولة على رؤوسهم؟نعم،الوحدة ثم الوحدة ثم الوحدة ولا طريق غيرها.العراقيون ليسوا وحدهم من يطالب بالوحدة، وانما كل من يسعى لهزيمة امريكا في العراق. هذا نموذج مؤثر للتعبير عن هذه الحالة وهو ما قاله المواطن الجزائري محمد المجاجي لنا ، "صدقوني فأنا أشعر بأني طفل وأن المقاومة الوطنية العراقية عائلتي، لكن الأم تعيش مع أهلها والأب يعيش في جهة أخرى بعيدا عنا نحن الأطفال. ألا فاجمعوا شملنا يرحمكم الله.متى تتحقق أمنيتي في توحد المقاومة الوطنية العراقية في جبهة أومجلس أو في أي شكل من الأشكال؟ فلقد انتظرت طويلا ولم أعد أقدر على الانتظار. أغيثوني يرحمكم الله، عاشت المقاومة العراقية." فهل من مجيب لمبادرة الاخ المجاهد عزة الدوري ليصبح الانتصار وتحرير العراق واقعا وليس املا او حلما؟
الـــوعـــي الـعـربـي