هـــل مـــــن عـــاقــــل حـكـــــيم يـنقــُـــذ هــــذه الأمــــــة
ما يجري علي ارض اليمن السعيد من أحداث دموية وحرب تدور رحاها بين أبناء الوطن الواحد يثير كثير من القلق والمخاوف علي ما وصلت إليه أحوال هذه الأمة بل ويزيد الجرح جراحا والدم نزيفا فبالأمس ضاعت فلسطين واليوم تضيع باقي الأمة العربية وأصبحت كل قضايانا في مهب الريح لأسباب تتعلق أكثرها بسياسات النظام العربي الرسمي و البحث عن تحالفات أمريكية أو بريطانية أو أوروبية أو حتي صهيونية لامانع في ذلك طالما أن هذا سوف يضمن للحاكم في النهاية الجلوس علي أنفاس شعبه مدي الحياة فاليوم كل الحكام يعملون ضد مصالح شعوبهم بعد أن تم تفريغ الشعوب من أهم مقومات الإنتماء والولاء لهذا الوطن و أن كل ما يجري من أحداث وصراعات داخل الوطن العربي والإسلامي لابد أن لأمريكا ومن ورائها إسرائيل دوراً بارزاً فيها وذلك تحت مظلة الديمقراطية و حقوق الإنسان وما يسمى بالشرق الأوسط الكبير وغيرها من الشعارات البراقة والتي تهدف في الحقيقة إلى زعزعة الأنظمة العربية والإسلامية فما حدث في العراق خير دليل على ذلك إذ قامت أمريكا باحتلال هذا البلد بحجة إمتلاكه أسلحة الدمار الشامل والكل يعلم أن السبب الحقيقي وراء هذا الإحتلال هو الإستحواذ على آبار النفط والقضاء على نظام صدام حسين العربي القومي ليصبح العراق اليوم يعيش في بحر من الدماء بسبب الحرب الأهلية الدائرة رحاها بلا رحمة و ذات السيناريو يتكرر اليوم في اليمن من خلال ورقة الحوثيين كما حدث مع ورقة الشيعة بالعراق لزعزعة نظام الحكم في اليمن عن طريق تنمية الشعور المذهبي وتصوير أن ثمة صراع مذهبي جاري في اليمن أو أن ثمة إبادة جارية في حق الحوثيين مثلما تروج له جهات خارجية إذ أن تقرير الخارجية الأمريكية يذكر أن السلطات اليمنية تفرض شروطا على الشيعة وذلك لمنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية وأضطهادهم ، إذا قضية الحوثيين ما هي إلا جزء من مخطط كبير يستهدف المنطقة ككل وتفكيكها قطعة قطعة لأجل أحلام أمريكية ، فأن كل ما يجري في اليمن الشقيق اليوم ليس ببعيد عما يجري علي الساحة العراقية أو اللبنانية أو السودانية أو الصومالية من تدخلات عبثية خارجية بل هو تجسيد حي لما يحدث في كل البلدان العربية اليوم من نشوء نزاعات طائفية ونعرات مذهبية وخلافات سياسية وغياب للضمير والارتماء في أحضان الأجنبي وتوصيل الخدمات دون مقابل لأعداء الأمة وقطع سبل الحوار بين النظام والشعب ، إن الأوتار التي تعزف عليها الإيقاعات الطائفية والقبلية في الشمال اليمني كما في الجنوب هي أوتار موجودة في كل قطر عربي وتنتظر من يعزف عليها بدورها من الداخل والخارج معا، فمن يستمع إلي بيانات الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للوهلة الأولي وبدون معرفة من المقصود يعتقد بأنه يعلن الحرب علي إسرائيل ففي الأسبوع الماضي وقف الرئيس اليمني يزف النصر علي جماعة الحوثيين في منطقة صعدة الواقعة بأقصى شمال اليمن إلا أن أمد هذا الصراع العسكري قد طال مما يضع سمعة الرئيس اليمني والحكومة اليمنية والوضع العربي الراهن علي المحك ويتسبب في الإحراج الدولي مما يسمح للأيدي الخفية في أن تعبث في الظلام بأمن واستقرار اليمن هذا الصراع الذي أسفر عن خسائر بشرية إذ أعلنت الحكومة عن مقتل العشرات من الضباط وصف الضباط والجنود إلى جانب العديد ممن يطلق عليهم بالمتمردين خلال أسابيع قليلة وقد بدأ سيناريو الحرب بين الطرفين في صيف 2004 إذ أسفرت المواجهات عن خسائر قدرت بأكثر من 600 مليون دولار حسب تصريح قائد عسكري يمني . والحقيقة أن هناك العديد من العوامل الداخلية والخارجية التي ساهمت ومازالت تساهم في تفجر الصراع, واستمراره بين الحوثيين والحكومة اليمنية كما أن هناك مؤشرات قوية علي أن الصراع الدائر في اليمن هو أحد أوجه الصراع علي النفوذ في منطقة الشرق الأوسط وان الولايات المتحدة من جانبها تقف إلي جانب الحكومة اليمنية في مواجهتها للحوثيين وتعتبر أن ما يجري يدخل في إطار الحرب العالمية التي تقودها علي الإرهاب ولا تفوت الإدارة الأمريكية فرصة إلا وتؤكد هذا الموقف فالسفير الأمريكي في صنعاء يسعى دائما إلي تأكيد الصلة الوثيقة بين الحوثيين و تنظيم القاعدة علي الرغم من إختلاف البعد الفكري بينهم، أن الأمر اليوم يهدد وحدة اليمن بل يهدد وحدة الأمة وان الحسم العسكري لن يحل المشكلة لان إنعدام الثقة بين الطرفين لن يزيد الأمر إلا توترا و أن هذه الأزمة تهدد بفتح أبواب اليمن على مصاريعها لتجربة تدويل لأزمة وطنية يهدد تفاقمها بأن يكون المحيط العربي مجدداً هو الخاسر الأكبر فيها بينما يستثمرها التدخل الأجنبي لجني كل الأرباح لترسيخ أقدامه علي البحر الأحمرو في باب المندب وخليج عدن بعد أن وجد له موطئ قدم في أريتريا وأرض الصومال التي تحولت القرصنة المنطلقة منها ضد الملاحة الدولية العابرة للمياه الإقليمية العربية إلى مسوغ جديد للتدخل الأجنبي والتدويل في اليمن وجواره الإقليمي ، والدماء مازالت تسيل بين أبناء الوطن الواحد ولا صوت يعلو فوق صوت المعارك ولا حكيم اوعاقل لهذه الأمة يحاول أحتواء هذه المشكلة التي تهدد الأمن القومي العربي في مقتل فعلي حكماء الأمة ومؤسسات النظام العربي الرسمي من جامعة عربية أو مؤتمر إسلامي ألا يتركون اليمن فريسة للتحالفات والتصنيفات الفكرية او المذهبية لان هذا ليس ببعيد عن كل ما يجري في بلادنا ولم نكن نسمع عنه في السابق، إن سابقة غض الطرف العربي عما حدث ويحدث في العراق اليوم يجب أن يكون فيها عبرة كافية لكي لا يغض النظام والحكام العرب النظر عن تكرار هذه السابقة في اليمن ويكفي هذا بدوره سببا لتحرك عربي سريع لدعم الدولة اليمنية ، لكن ليس ضد مواطنيها ، بل بتوفير الشروط الموضوعية لمساعدة الشعب اليمني ، وعلي الحكومة اليمنية ممثلة في رئيسها علي عبد الله صالح أن يصحح مسار سياساتة التي يتمسك بها في التعامل مع شعبة وقبوله الحوار مع من يعارضه ولا يعول علي حلفائه من الأمريكان أو البريطانيين أو حتي من دول الجوار الإقليمي وأن يستمع لصوت الحكمة والعقل في الإستجابة إلي الدعوات التي تنادي بإجراء اصلاحات في مفاصل الدولة وفتح قنوات الوحدة والتضامن الوطني بين الشمال والجنوب ونبذ السياسات القمعية والإستبدادية وتداول السلطة وسماع صوت الشعب والمزيد من الديمقراطية التي تحترم إرادة الشعوب لان القوة العسكرية وحدها والسياسات الأنفرادية هي من يهدد أمن الوطن من داخله وأن التمترس بالشعارات لا يحمي أي نظام فهل من حكيم لهذه الأمة ينقذ ما يمكن إنقاذه.
الـــوعـــي الـعـربـي