عفــواً مــولانــا..ليس بعــــد الكفــــر ذنـــب
أصدر علماء الأزهر الشريف وعلي رأسهم فضيلة الدكتور أحمد الطيب فتوي بحرمة إقدام بعض المواطنين علي الأنتحار بحرق أنفسهم أحتجاجا علي فشلهم في حل بعض المشاكل التي يواجهونها مؤكدين بان إقدام أي شخص علي فعل يؤدي إلي هلاك نفسه هو أنتحار ومحرم شرعا ويخرجه من ملة الإسلام وصاحبه كافر وقد أستندوا هؤلاء العلماء علي بعض الآراء الفقهية علي الرغم ما قدموه من إختلافات وأستندوا إليه من أراء مبنية علي القياس ، ولقد جاءت فتوي شيخ الأزهر وأراء العلماء تعليقا علي خلفية ما جري في تونس وأشتعال الثورة الشعبية بعد محاولة إقدام الشاب التونسي محمد البوعزيزي علي إحراق نفسه وذلك أعتراضا علي تردي أوضاعه وحياته المعيشية بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية مما أدي إلي أشتعال الثورة التونسية وخلع الرئيس التونسي وهروبه خارج البلاد وسقوط رموز نظامه الفاسد ، هذا العمل الذي قام به الشاب التونسي أشعل فتيل الغضب لدي كثير من المواطنين في كثير من البلدان العربية التي تشابهت أوضاعهم الأقتصادية والأجتماعية مع تونس مما دفع بعض هؤلاء المواطنين في مصر وبعض البلدان الأخرى إلي إحراق أنفسهم في رسالة واضحة إلي المسئولين في بلادنا لبحث أسباب إقدامهم علي ذلك وإن كنا نحن من جانبنا لا نقر ولا نؤيد ولسنا مع إقدام أي إنسان علي قتل نفسه ومع ذلك ندعوا لكل من أقدم علي هذا العمل بالمغفرة والرحمة ولا نكفره ، لقد أعتبر شيخ الأزهر وعلمائه الأفاضل بان كل من أقدم علي هذا العمل فهو كافر ولكن فات السادة العلماء ممن يحملون مشعل التنوير في بلادنا بان يتساءلون عن الأسباب الحقيقية التي دفعت هؤلاء المواطنين إلي إقتراف جريرة الكفر والموت كفراً ، آلم يعلم شيوخنا الكرام من رجال الدين أن حالة اليأس والإحباط التي يعيشها عامة القوم من الغالبية العظمي للشعب تعيش تحت خط الفقر وأن فشل الحكومات في توفير أبسط مقومات الحياة الضرورية والكريمة من رعاية صحية وتعليم وعمل وسكن ومواصلات هي من يدفع الإنسان الي اليأس والإحباط ، وعلي الرغم من أن هذه المطالب ليست مستحيلة وليست صعبة علي بلاد تمتلك الكثير من الثروات وأن أحلام الغالبية العظمي من الشعب في غاية البساطة ولا نبالغ إذا قلنا بأنها مُخجلة في بلد تحُترم فيها أدمية الإنسان ، وعلي الحكومات أن تلتفت إلي مطالب الجماهير والي الغالبية العظمي من الشعب المقهور وأول هذه المطالب هو تحقيق العدالة الأجتماعية وهي إحدي مكاسب ثورة 23 يوليو 1952 والتي لم تبقي منها أي مكاسب اليوم ، وعلي أصحاب القرار السياسي والحكومات وضع إستراتجيات عاجلة لتحسين حياة المواطن وتخفيف معاناته بشكل حقيقي وتحقيق مبادي العدل الأجتماعي وإذابة الفوارق بين طبقات المجتمع الواحد ، إن حالة الإحباط التي يعيشها المواطن اليوم من تردي أحواله وقهره هي من نشرت هذا الإحساس بعدم الرضا عن الأوضاع التي يعيشها المواطنين ومن غلق كل أبواب السبل ووسائل العيش بأمان أمام أحلامة البسيطة في توفير حياة كريمة تليق بكرامة الإنسان الذي كرمة الله عز وجل في محكم التنزيل بقوله تعالي وقد كرمنا بني آدم وحملناه في البر والبحر بدلا من إطلاق الشعارات الزائفة والحديث عن المواطنة وحقوق الإنسان وما أكثر المتشدقين والمتحذلقين اليوم بهذه الشعارات الكاذبة والزائفة والتي أثمرت لنا كل ما نراه اليوم من إجرام وفساد باسم الديموقراطية وحرية التعبير لخدمة الحكام ، أما المواطن التعس والذي يجري وراء رغيف العيش فإلي جهنم وبئس المصير وإذا مات كمداً وإنتحاراً فهو كافر فلا يكفي هؤلاء بان هذا المواطن مات بؤساً وجوعاً بل وكافرا أيضا ؟! ما أسهل أن نقدم أحكامنا وفتوانا لتكون تفصيلا علي مقاس طالبيها ، فعن أي كفر يا شيوخنا الكرام تتحدثون ؟ ولماذا لم ًتكفرون الحكومات التي هي من أوصلت هؤلاء الناس إلي هذا الكفر؟ فكان الأجدر لكم أن تتقوا الله و تحاسبوا هؤلاء المسئولين الفاسدين الذين أوصلوا هؤلاء الناس إلي أرتكاب هذه الجرائم بحق أنفسهم اولاً و تعديد الإنجازات وتقديم الإنتصارات الزائفة ، وعلي الحكومات إشعار أفراد المجتمع بما تحقق ويتحقق فعلا من إنجازات وذلك عبر وسائل عديدة ومنها شعور المواطن بأنه محور أهتمام الدولة لا تبعيته لمسئولي هذه الدولة ، أما سياسة قهر المواطن وإغراقه في دوامة مطالبة اليومية الغير أدمية إلي الدرجة التي تدفع بخيرة شبابنا ثروتنا البشرية إلي الهلاك في بحور الظلمات عبر إقدامهم علي الهجرة الغير شرعية تاركين أوطانهم وذويهم من أجل البحث عن فرصة عمل أو حياة كريمة مما يعرض حياة هؤلاء السباب للغرق وقد كانت صدرت فتوي لأحد العلماء الأجلاء في هذا الشأن باعتبار هؤلاء الشباب الذين يموتون غرقا في رحلة بحثهم عن حياة كريمة هم من الشهداء علي الرغم أن ما قاموا به من مخاطر هي من قبيل الإنتحار ، فعلي رجال الدين العظام بدلا من أن يطلقوا لنا فتواهم بتكفير المواطنين الذين أقدموا علي قتل أنفسهم وموتهم إحباطا ويأسا واتهامهم بالكفر الدعاء لهم بان يغفر الله لهم ويرحمهم ولا نحكم عليهم كقاعدة شرعية بالكفر ونقول لهم عفوا ليس بعد الكفر ذنب.
الـوعي العـربي