الجمعة


                                                             
يشكك من يشكك ويختلف من يختلف مع السيد حسن نصر الله إلا أن ما لا نستطيع أن نختلف عليه هو أنه قلب موازين السياسة وفكرة الزعامة والقيادة التي آثر بها الجميع من المحيط الي الخليج هذه الشخصية التي أفتقدها شارعنا العربي منذ رحيل زعيم الامة جمال عبد الناصر، لقد خرج عن مألوف السياسة العربية و إجتمعت فيه صفات القادة ولكنه ليس بقائد والزعامة وليس بزعيم والرئاسة وليس برئيس أنه بطل شعبي أسطوري من نسج خيال شاعر الربابة في زمن لم تلوثه الفضائيات والمرئيات وكان يحكي لمن حوله بالربابة عن الهلالي و أدهم الشرقاوي وسيف أبن زي يزل وعنتر أبن شداد في ليالي قمر بدر التمام ،هذه الشخصية التي يبحث عنها المظلومين والمقهورين في الأرض كُل منا يبحث عن عنتر او هلالي له في زمن عزة فيه الرجال لم يعد لنا اليوم رمزاً ولم يعد لنا من نستقوي به ضد الظلم والإفتراء والغطرسة والعنصرية لم يعد لنا معتصماً نستجير به و نهتف واااا معتصماه ، ولكن لماذا نصر الله ؟لانه خرج من عباءة السلطوية وأستقوي بعباءة الشعب فاحبه الناس ولم يكن من الباحثين عن دور يلعبه بل كان الدور هو الذي يبحث عنه وتطورت ظاهرة نصر الله في ظل تراجع وتخاذل عربي كامل في ظل إختفاء فكرة القومية العربية من قاموسنا العربي بعد نصر 1973 وسقوط دور المنظومة العربية في بحيرة من التنازلات و التبعيات والمعسكرات وبرزت في ذلك الوقت فكرة المهادنات والمعاهدات وشعارات من عينة الأرض مقابل السلام والخيار الإستراتيجي والتعاون المشترك والإتحادات من أجل البحار البيضاء والحمراء والسوداء وسقط سهوا شعارنا العربي ما أخُذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ولا صلح ولا تفاوض مع إسرائيل إلا بالتي هي أحسن، لقد شعرنا باليتم و أفتقدنا الرمز والشخصية الكارزمية القومية التي جسدها شاعر الربابة فبحثنا عن نصر الله لانه خاطب القلوب قبل العقول فالتفت من حوله الأمة كان صادقاً إذا وعد صدق وأوفي وما قاله فعله وما وعد به أنجزه ولم يتخلف نصر الله يوما عن طريق الشهادة وقدم نفسه وأبنه هادي شهيداً محتسباً عند الله، لم يقم بإعارة أبنه الي خارج البلاد ولم يقدمه عضوا في البرلمان اورئيسا للوزراء وهو القادر علي ذلك وإنما قدم أبنه للصفوف الأمامية في العمليات الإستشهادية وهو يعلم بان فلذة كبده علي قائمة الإنتظار في صفوف الشهادة لم يرسله الي الأكاديمية العسكرية الملكية ليرتدي حلته العسكرية الشرفية ولكن قدم أوراق إعتماده ليكون سفيراً لوالديه في جنة عدن مع الأبرار والشهداء . لقد تحول فكر المقاومة تحت زعامة نصر الله الي عمل إحترافي مهني كبير وأصبح رقما صعبا في المنطقة العربية يعمل لها الف حساب من أعتي الأعداء أمريكا وإسرائيل ،لقد أثبت حقيقة هذه النظرية أثناء حرب تموز 2006 او حرب الثلاثة وثلاثين يوما عندما وضع تل أبيب وحيفا تحت مرمي نيران صواريخه وزحف بالهلع إلي قلب قادة إسرائيل المرتبكة وأول مرة في تاريخ الحروب يعلن عن إستهداف بارجة إسرائيلية وهي في عرض البحر علي الهواء مباشرة دون مونتاج او حيل مفبركة كعادة الإعلام الرسمي العربي في فبركة الأحداث . لقد أمتلك السيد نصر الله وأجتباه الله وحباه بإحساس صادق ووعيًا عربياً خالصاً وإسلامياً مستنيراً مؤمناً برسالته عرف يدخل بها الي قلوب الباحثين عن القوة والشجاعة والمقاومة، أنهض المستضعفين من إستكانتهم أصبح في كل بيت عربي مشروع مقاوم و استشهادي من أجل الأرض والعرض كل يبحث عن مكمن القوة والضعف من أجل قضيته لقد أعاد لنا الثقة بسلاح المقاومة مع نجاحها في تحرير الجنوب اللبناني و الثقة بجدوي السلاح المقاوم في العراق علي الإحتلال الأمريكي الغازي هذه الثقة التي ردت إعتبار المقاومة الإسلامية في فلسطين والصومال وأفغانستان ، وبدت فصائل المقاومة وقادتها موضع إحترام الشعوب بعد أن تحولت معسكرات الجيوش النظامية العربية الي قواعد عسكرية أمريكية ولوجستية لضرب بعضهم البعض . حقا أنه الوعي الصادق و الوعد العربي الذي تعهد فيه بهزيمة إسرائيل وقد فعلها مرتين، وتعهد بإطلاق الأسري العرب في سجون إسرائيل وفعلها ، وهاهو الوعد الآن يتحقق مع عملية الرضوان حقا نحن اليوم في أشد الإحتياج الي الوعود الصادقة .