السبت

كسر الذراع التركي على مذبح الحريـة
                                         

إن ما جري من عدوان وقرصنة همجية ووحشية علي قاقلة الحرية في المياه الدولية لكسر الحصار علي الشعب الفلسطيني المفروض من قبل الأشقاء قبل الاعداء يضاف الي سجل الكيان الصهيوني الأسود المفعم بالجرائم التي يندي لها جبين الإنسانية جمعاء ويمثل إنتهاكا لكل الأعراف والمواثيق الدولية ولا يمكن تبرير هذا الجرم الصهيوني العنصري باي حال من الأحوال ولولا صمت المجتمع الدولي وتشجيعه لهذه العصابات ما كان يصل الي هذه الدرجة من الأرهاب والبلطجة وهذا ليس بجديد علي المجتمع الدولي الراعي الرسمي لهذا الكيان منذ أن قام بانشاء وطن قومي لليهود علي أرض فلسطين ، ولكن ما نأسف عليه حقا هو حالة النظام العربي الرسمي وما وصل اليه وإنعكاساته وسياسات حكامه التي تعكس ضعف الإرادة او إنتزاعها من قاموس الوجود ، ولم يبقي أمام حكام الأمة من أصحاب العروش والكروش إلا أبداء الخضوع والخنوع والتوسل لاعدا ئنا ، إن إحلال السلام بمعرفة الصهاينة ومن ورائهم أمريكا والغرب للمنطقة العربية هو أكذوبة كبري وزعم زائف وأن التطبيع مع اليهود والتعامل معهم والرضوخ لافكارهم ونهج سياساتهم هو لجلب مزيد من التأخر والخراب علي المنطقة العربية وأن تمسكنا القائم علي أن السلام مع العدو الصهيوني هو خيارنا الإستراتيجي هو مجرد حديث يفتقد الي المصداقية والمنطق لعدم وجود مؤشرات تاريخية تقطع بذلك ،فلذا كان لابد من هذه المقدمة التاريخية وبعودة لما جري من عدوان همجي علي قافلة الحرية في المياه الدولية كان لابد من معرفة حقيقة وأسباب ما يدور في فكر الصهاينة ، ولذا نقول بان إسرائيل لم يعد لديها اليوم اي هواجس أمنية من الأنظمة العربية التي تم تحييدها و أصبح منها ماهو تابع ومن هو شريك وبخروج مصر من المنظومة العربية ودورها الإقليمي وفشل التضامن العربي وإنفراد القادة العرب في إتخاذ قرارتهم مما شكل صفقة رابحة للكيان اليهودي وإسقاطنا للثوابت التاريخية مما دعا الي الدخول في مرحلة العجزعن الوقوف ضد إسرائيل ، ويبدو أن إسرائيل قد أصابها حالة من السعار والجنون بعد أن أظهرت دولاً وأطرافاً اقليمية كبيرة مثل إيران وتركيا بدأت في شغل ادوارا ذات أهمية كبري وبخاصة في قضايا النزاع العربي الإسرائيلي او الفلسطيني الإسرائيلي ، ولذا أن ما قامت به إسرائيل لقافلة الحرية لايستهدف القافلة فقط بل أن الأمر يتعدي ذلك فالأعتداء علي أسطول الحرية هومجرد رسالة أرادت إسرائيل إيصالها الي تركيا بعد أن بدأت العلاقات الإسرائيلية التركية تأخذ شكلاً ومنحي جديداً مبنياً علي قوة المواقف التركية ومن يستمع الي عبارات رئيس الوزراء التركي رجب طيب ارودغان في قمة سرت الأخيرة يري كيف جري هذا التحول من خلال حديثه عن القضية الفلسطينية والقدس وأن ما قاله لم يخرج من رئيس او ملك عربي ،إذن الأعتداء الصهيوني علي قافلة الحرية ما كان ليكون مجرد مصادفة او وليد اللحظة وأنما جاء محاولة منها لكسر الذراع التركي وعقابا لها علي مواقفها الأخيرة التي رأت فيها إسرائيل إذدياد النفوذ التركي في المنطقة والذي أربك كل الموازين ، إسرائيل وأمريكا لديهم ميولاً عدوانية تجاه تركيا ولكن لاتستطيع البوح بذلك صراحة لان السياسة التركية لا تتلقي التعليمات من أمريكا ولا من غيرها كما يحدث في دولنا العربية ولا يوجد ما يبرر الضغط علي النظام التركي لاحداث إصلاحات ديموقراطية لانه لا تنقصها الديموقراطية ، إسرائيل لا تنسي ما جري في مؤتمر دافوس الأقتصادي العام الماضي عندما أتخذ رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان موقفاً صارماً وحازماً تجاه الممارسات الصهيونية أثناء الحرب علي غزة رافضا ما ذكره شيمون بيريز في المؤتمر مما دعا اردوغان الي مغادرة المؤتمر والعودة الي تركيا و كذلك أصرار تركيا علي أن تقدم إسرائيل إعتذارا علي إهانة سفيرها عندما أرادت إسرائيل أظهاره بصورة مهينة ، يضاف الي كل ذلك أن تركيا اليوم تمارس دوراً أقليميا خطيراً وكبيراً تجاه القضايا العربية وبخاصة القضية الفلسطسنية ودعم التعاون مع سوريا وكذلك دورها في رعاية أتفاق التفاهم مع إيران بشأن قضية تبادل اليورانيوم والتي توصلت اليه كل من تركيا والبرازيل مما أضاع علي أمريكا والغرب فرصة فرض مزيد من العقوبات علي ايران او علي الأقل وضعهم في حرج دولي ، إن المواقف التركية لم تقتصر تجاه فلسطين وغزة والقدس فقط بل أنها أصبحت لاعبا رئيسيا في كافة الخلافات العربية والتوفيق بينهم لما تحمله تركيا من أرثا تاريخياً إسلامياً قديماً كان له عظيم الآثر علي الحياة العربية كما أن التراث الثقافي المشترك مع العرب والذي أفرزه التاريخ الإسلامي قد صنع أرضية ثقافية متقاربة مع الأمة العربية ، إسرائيل وأمريكا والغرب لاتريد أدوراً لاي قوي أقليمية إسلامية في هذه المنطقة ، في الماضي قضت إنجلترا ومعها بعض ملوك وسلاطين العرب علي الأمبراطورية التركية والقضاء علي الخلافة العثمانية ومن بعدها دخل العرب مرحلة تقاسم النفوذ الإستعماري الذي سمح لليهود باقامة دولتهم علي أرض فلسطين ومن بعدها لم يعرف العالم العربي طعما للاستقرار والمذبحة التي أرتكبتها إسرائيل لم تكن الأولي في تاريخها الأسود ولن تكون الأخيرة ما دام النظام العربي يضع رأسه في الوحل كما يحدث كل اليوم
الـــوعـــي الـعـربـي