الثلاثاء

تصـــــــريحــــــات ابــــــوالغيـــــط لســـــتر العــــــــــورة
                                         
  
أثارت تصريحات السيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري عن مبادرة السلام العربية الأخيرة كثيراً من الأحباط الشعبي وبخاصة بعد أن جاءت هذه التصريحات عقب الإعتداء الإسرائيلي الهمجي علي سفن قافلة الحرية لكسر الحصار وكان كلام ابو الغيط جاء رداً علي بعض الأصوات العربية التي خرجت بعد الأعتداء الإسرائيلي لتطالب بسحب مبادرة السلام العربية والتي طرحها عبدالله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين عندما كان وليا للعهد السعودي في ذلك الوقت في قمة بيروت عام 2002 وتم إعادة طرح وتفعيل تلك المبادرة في كل القمم العربية التي جاءت بعد هذا التاريخ ، وقال أبو الغيط لا فض فوه وصاحب التصريحات المستفزة والتي لا تتناسب مع حجم الدبلوماسية المصرية بان من يطالب بسحب المبادرة كانه يتخلي عن أقامة دولة فلسطينية لان المبادرة العربية للسلام هي طرح عربي ورغبة ورؤية عربية في أتجاه السلام وأذا ما فكر العرب في سحب هذه المبادرة فانهم سوف يعطون لاسرائيل طبقا من ذهب لان مبادرة السلام هي إنعكاس للرؤية العربية عن كيفية تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط فاذا لم تتحقق شروطها لا يتحقق السلام ولا يتصور أن يتحول السلام بسحب المبادرة العربية لاننا سنخلق وضعاً مضاداً تماما للوضع العربي فالمبادرة موجودة ونسعي الي تحقيقها ونضيق الخناق من خلالها علي إسرائيل ولا يوجد بديل عربي للسعي لتحقيق السلام إلا بتفعيل وطرح هذه المبادرة وأتاحة الفرصة لاقامة دولة فلسطينية ويستطرد أبو الغيط في تصريحاته الغير مسئولة بقوله بان أذا ما سحب العرب المبادرة فانها سوف تكون أكبر جائزة تحصل عليها إسرائيل وهو أعتراف من العرب بانهم دعاة حرب لاسلام ، لقد أنتهت تصريحات أبو الغيط التي جاءت علي خلفية العدوان الإسرائيلي علي قافلة الحرية في المياه الدولية والتي خرجت لتؤكد حقيقة واحدة مفادها هو حالة الأفلاس والتهاون الذي يعيشه النظام العربي الرسمي، فاذا كان هذا الحديث يخرج من وزير خارجية أكبر دولة عربية فماذا ننتظر من باقي الدول العربية التي تحاول أن تجد لها قدما من أجل ملء الفراغ الذي خلا بخروج مصرعن مسارها ودورها العربي والقومي الكبير، إذن ماذا ننتظر من الأخرين ؟ كلام أبو الغيط عن ان سحب المبادرة سوف يعطي لاسرائيل المبرر علي سلوكها وعدوانها علي الفلسطنيين والعرب هو حديث به مغالطات كبيرة بل وإستخفاف بعقول الشعوب العربية لان الحديث عن إسرائيل بهذه الطريقة هو من يعطي لهذا الكيان الفرصة ليفعل بنا الأفاعيل وأن إسرائيل لا تعرف إلا منطق القوة، فمنذ متي كانت اسرائيل تمد يدها للسلام مع العرب ؟ ومنذ متي كانت إسرائيل دولة ساعية للسلام ؟ فمن منا ينسي كم المجازر والحروب التي أرتكبتها إسرائيل بحق العرب منذ أن أغتصبت أرض فلسطين فمن منا ينسي مذابح دير ياسين التي أرتكبتها العصابات الصهيونية ، ومن منا ينسي أطفالنا في بحر البقر، ومن منا ينسي مجزرة قانا في جنوب لبنان عندما أمر شيمون بيريز وكان يشغل رئيس حكومة العدو الصهيوني في ذلك الوقت باقتحام مخيم لجنود الآمم المتحدة والتي أحتمي بهم سكان قرية قانا في جنوب لبنان وقتل كل من لجأ الي هذا المخيم من أطفال وشيوخ ونساء فقام بارتكاب أكبر مذبحة بشرية فقتلوا ما يزيد عن الف من سكان القرية بدم بارد ومن منا ينسي جرائم الكيان الصهيوني في صبرا وشاتيلا عندما أستباح المجرم الأرهابي شارون رئيس حكومة الكيان مخيم صبرا وشاتيلا وأمر بقتل ما يزيد علي الف ومائتان من سكان المخيم جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ ، ومن منا ينسي ما قامت به حكومة الكيان الصهيوني في عدوانها علي غزة والتي أستباحت فيه إستخدام كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا والتي عرفت باسم الرصاص المصبوب فكان أسما علي مسمي، ومن منا ينسي ما يرتكبه الصهاينة بحق جنودنا المصرين علي الحدود يبدو ان السيد ابو الغيط فقد ذاكرته بل وفقد عقله أيضا ، إن حديث ابو الغيط عن تعامله مع إسرائيل بهذه العقلية إذا كان هذا رأيه بوصفه مواطنا مصرياً فهذه مصيبة أما إذا كان ما صدر منه بوصفه وزيرا لخارجية مصر فهذه مصيبة كبري لان كلماته جاءت خروجاً علي كل التقاليد الدبلوماسية والوطنية وما صرح به يشكل إهانة للمملكة العربية السعودية التي طرحت هذه المبادرة والتي قال عنها العاهل السعودي الملك عبد الله نفسه باننا لن نُبقي هذه المبادرة علي الطاولة الي الأبد ما لم تغير إسرائيل سياساتها حيال العرب ، أما الأمر الآخر الذي يتعلق بالمبادرة نفسها والذي لايدركه السيد أبو الغيط بان إسرائيل لم تعر هذه المبادرة عند طرحها آي أهتمام بها بل وألقت بها في أقرب سلة للقمامة في الوقت الذي لم يكن الحبر العربي الذي كتبت به لم يجف بعد ،لان إسرائيل لم تحترم علي مر التاريخ ومنذ نشأتها علي أرض فلسطين آي مبادرات او قرارات بما فيها القرارات الآممية ، كما أن إسرائيل تري أنه لايمكن أقامة اي مفاوضات للسلام إلا من خلال خريطة الطريق لانها هي الأساس الذي تقوم عليه اي مفاوضات ، وأن المبادرة العربية في رأي إسرائيل هي ليست أساس للتفاوض ولكن هي مجرد ورقة عمل فقط ولم تعرها إسرائيل اي أهمية ، خطورة ما قاله أبو الغيط هو في أنه يصب في ذات الأتجاه الإسرائيلي وجاء لستر عورة الأنظمة العربية وإسرائيل من حيث أن المعني الحقيقي لتمسك العرب بالمبادرة والهدف منها هو تشكيل غطاء سياسي عربي مريح ويسهل عليهم القبول بالوضع الإسرائيلي ، لذا يعملون علي بلورة إجماع عربي يقبل بوجود إسرائيل أمراً واقعاً اي أن القبول العربي لإسرائيل يتحول الي هدف في ذاته وربما يتطور الي شراكه في ضوء عملية أستقطاب أقليمي قائم علي قاعدة محور الإعتدال ومحور الشر وأن طرح العرب او إعادة إحياء العرب لمبادرة السلام العربية هو مجرد غطاء الهدف الأساسي منه التطبيع وربما الشراكة في المستقبل وأن تمسك النظام العربي بالمبادرة العربية ما هو إلا مجرد غطاء سياسي لحالة العجز الذي يعيشه النظام العربي وغطاء لكل ما هو قادم من هرولة عربية نحو إسرائيل وأستجابة عربية بضغوط أمريكية لهذه الهرولة لانقاذ إسرائيل ولكن باوامر أمريكية .
الــوعــي الـعـربـي