السبت


بالأمس نكسة واليوم الف نكسة


تمر هذه الأيام الذكرى الثالثة والأربعين لنكسة 5 يونيو / حزيران 1967 في أعقاب الهزيمة التي مني بها الجيش المصري أمام قوات العدو الصهيوني والتي سرعان مانهضت من كبوتها جماهير الأمة العربية والتي رفضت منطق الهزيمة وخرجت الجموع من أبناء هذه الأمة ترفض تنحي رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر عن الحكم بعد أن حمل نفسه المسؤولية الكاملة عن هذه الهزيمة ، هذه الجماهير التي ساعدت ودعمت ودفعت إلى إحداث ثورة من التغيرات في المنطقة العربية التي من شانها أن أحدثت مدا ثوريا غيرت من بعض الأنظمة العربية الهزيلة والموالية للاستعمار كما في ليبيا والسودان والجزائر واليمن وإحداث بعض توازنات القوى كما في سوريا والعراق كما ان هذه الجماهير هي التي رفضت مبدأ الهزيمة في مؤتمر القمة العربي في الخرطوم والمعروف باللاءات الثلاث الشهيرة لقد مرت ثلاثة و أربعون عاما على هذه الكبوة كما أحب أن اسميها إلا أن مثقفي السياسة من العصر الفضائي المتجول ومن إعلام المارينز العربي لم يذكروا لنا شيئا عن ما هو الأنجاز العظيم الذي تحقق في شكل الصراع العربي الاسرائيلى بعد النصر الذي تحقق في أكتوبر/ تشرين الأول اللهم إلا مزيدا من الانتكاسات والهيمنة وإعادة الترتيبات في المنطقة العربية والعالم الاسلامى والتي تضعها الولايات المتحدة الأمريكية القطب الأوحد بعد تفكك أو تفكيك الاتحاد السوفيتي والتي تسعى عن طريق تلك الترتيبات أن يبقي الكيان الصهيوني الأقوى في منطقة الشرق العربي لتكوين دولة إسرائيل الكبرى ولذلك تسعى لان يظل التوازن لصالح وبيد الدولة العبرية . وتحت شعار السلام والخيار الأستراتيجي قدم حكامنا العرب ومازالوا يقدمون التنازل تلو الآخر عن طريق الشراكة والصداقة وتوقيع المعاهدات والأتفاقيات السرطانية والتي ساعدت على اختراق مجتمعنا والتوغل الفكري والثقافي والامنى بمفاهيم استهلاكية وتدميريه من خلال فتح باب التطبيع السياسي والاقتصادي والزراعي والتعليمي على مصراعيه إضافة إلى الأخطر من ذلك في هذه القضية وهو ممارسة الضغوط على أبناء الشعب الفلسطيني من أصحاب القضية بفرض الحصار المالي والاقتصادي عليهم من حهه ومن جهة ثانية بالضغط عليهم من اجل وقف ثقافة وفكرالمقاومة التي هي السلاح الوحيد المتبقي في مواجهة الغطرسة الصهيونية لقد أصبحت التحولات في الواقع العربي اليوم عميقة بسبب اتساع حجم وقوة الضغوط العدوانية للهيمنة الامبريالية و الصهيوامريكية والتي تحاول بناء مشروع استعماري جديد تحت مسميات جديدة وتهدف منها إلي إعادة تشكيل كل مقومات النهوض القومي العربي لحساب مشروع شرق أوسطي جديد يحمل عناوين مختلفة ومنها دعم المفاهيم الليبرالية الحديثة في بلادنا العربية بالمفاهيم الأمريكية وكذلك تشجيع سياسة التطبيع والتطبع بين الشعوب العربية وإسرائيل وتوقيع الاتفاقيات وغيرها ومثال ذلك ماتقدم به العرب من مبادرات للاعتراف بإسرائيل في مؤتمري بيروت والرياض على الرغم من رفض إسرائيل هذه المبادرات اوحتي تفعيلها كما أراد لها حكامنا العرب ويأتى ذلك من منطلق حالة الضعف والانهزامية التي تعلمها إسرائيل عن الوضع العربي الراهن . لقد انتقل النظام العربي القومي بعد التطبيع مع إسرائيل من أرضية التحرير وثقافة المقاومة إلي أرضية التبعية والتعايش السلمي والتناغم الأمني ولم تعد القضايا العربية والقومية وقضايا التحرر من تسلط القوي الأستعمارية بصورها الجديدة تمثل صراعا وقدراً مصيريًا مما أدي إلي فقدان الانظمة العربية لوعيها العربي وعمقها التاريخى سواءًا علي الصعيد السياسي الداخلي اوالخارجي وفي ضوء هذه المستجدات والمتغيرات وجد المشروع الصهيوامريكى فرصته للتمدد والهيمنة علي بلداننا العربية والإسلامية بالاحتلال المباشر عن طريق الغزو العسكري كما في العراق والصومال والسودان ولبنان و أفغانستان والأحتلال الغير مباشر باقامة القواعد العسكرية الأمريكية الجاثمة على أرض الجزيرة العربية ودويلات الخليج النفطية وخاصة بعد فقدان المؤسسة الدولية والمتمثلة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الحياد الكامل للقضايا العربية لصالح المشروع الصهيوني وذلك بحجة محاربة الإرهاب والتعاون الاستراتيجي والعسكري وذلك من اجل تكريس التبعية والتخلف وإعادة التكيف بصورة مطلقة تضمن للدولة الصهيونية تاسيساً لدورها الوظيفي والاستراتيجي بما يتوافق مع مستجدات المصالح الأمريكية في زمن الأمركة بحيث تكون إسرائيل هي الدولة المركزية والإقليمية والفاعلة في المنطقة وتتبعها مجموعة الدول العربية المستأنسة والمستسلمه والمعتدلة عسكريًا وسياسيًا وثقافيًا مسلوبة الإرادة بما يضمن ويسهل عليها عملية الاندماج والتكيف الاسرائيلى العربي تمهيدًا للقضاء علي منظومة الأمن القومي العربي مما يمكنها من السيطرة والقضاء علي الشعب الفلسطيني كما يحدث ألان في الأراضي الفلسطينية المحتلة من قتل وإغتيالات وتصفيات لكل ماهو مقاوم وتدمير لم يسلم منه شجرأوحجر . وكذلك مايحدث في الشتات من قتل وتهجير وتشريد كما في العراق ولبنان وهدم الاقصي بإفتعال الحفريات أسفله من اجل البحث عن الهيكل المزعوم وتهويد القدس ومحو هويتها العربية والأسلامية لإتخاذها عاصمة أبدية لدولة إسرائيل ألكبري وإثارة الفتن بين أبناء الشعب الواحد من خلال دعم الأطراف العميلة والتي يتم تطويعها وتشكيلها لخدمة مصالحهم . نقول لهولاء الساسة ومثقفي " التطبيع والتطبيل " ماذا فعلتم اليوم ونحن نعيش كل يوم نكسة وهزيمة لأمتنا العربية فالوضع الراهن الذي تعيشه امتنا جد خطير وما كان له أن يتحقق ما لم تكن هناك عوامل للتفكك والانهزامية والتبعية التي لحقت بنا بعد ملحمة إنتصار أكتوبر وما وصلنا اليه من انتصار بالحرب تحول اإلي إنكسار بالسلام إنتهاءاً بسقوط بغداد وتدمير عاصمة الخلافة الأسلامية البوابة الشرقية لامتنا العربية والعبث بأمن لبنان من أجل القضاء علي روح المقاومة ومنها الى الأنطلاقة ألكبري لتدشين مشاريعهم الاستعمارية بإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط. إن تفاقم الروح الأنهزامية إلي أقصي درجاتها وخاصة بعد التهليل لاتفاقيات الصداقة والشراكة والتعاون المشترك ، لقد حولوا أنظمتنا العربية الي حلبة كبيرة للصراع فيما بينهم من ناحية ومن ناحية أخري إلي صراعات بين ايدولوجيات واستراتيجيات غربية وتحولت الأنظمة و الحكومات إلي أدوات للقوي المعادية فيما أصبح ماتبقي منها عاجزًا عن المواجهة وروح المبادرة والارتهان للتبعية بكل ألوانها واشكالها وفي ظل هذا الأرتداد العربي تتجلي هيمنة هذا المشروع الصهيوامريكي بصورة غير مسبوقة لم تستطع تحقيقها في الحروب السابقة ولكن عبر محاولات الاقتسام والانحراف بالصراعات الداخلية إلي حد الأقتتال الداخلي بين الشعب الواحد وخلق عوامل الفرقة والعداء بين أبناء الأمة. إن الأمن القومي العربي يظل عرضة للتهديدات الصهيوامريكية ومن هنا تتجلي عظمة قدراته ومسئولياته التي من المفترض أن تكون علي مستوى الأحداث والتحديات والتهديدات التي تحيط بأمن منطقتنا العربية وعليه فان المعنيين بهذا الشأن مطالبون باستنهاض الأمة وروح المقاومة لان صوت المقاومة وروحها هي مصدر القوة الكامن بداخلنا وينتظر لحظة الانطلاق ومع ذلك مازال رجال المرحلة يزايدون ويتاجرون بتاريخ وأحداث ورموز صنعت للتاريخ أمجاد من أجل تكريس ثقافة وفكرالاستسلام الداعي إلي التعايش السلمي ونبذ العنف " المقاومة " فأي نكسة يتحدث عنها هؤلاء !
الــوعـي الـعـربـي