مفــــــــاوضـــــات القــــــــــربــــة المقطــــــــــوعـــــــة
إن ما يجري بين السلطة الفلسطينية ودولة الكيان الصهيوني هي مأساة جديدة تضاف إلي كم مأسي القضية الفلسطينية وهذا بعكس ما تروج له آلة الإعلام العربية التي شاركت في رعاية هذه المفاوضات و علي رأسها مصر وكان أجدر لها ألا توافق أو ترعي مثل هذه المفاوضات التي تشبه النفخ في القربة المقطوعة من جانب ومن جانب آخر حتي لا تُشكل غطاءا لهذا الكيان القاتل فيما يقوم به من جرائم بحق الشعب الفلسطيني وبحق أحرار العالم الذين تحركوا لإغاثة أبناء غزة المحاصرين ، وعلينا بان ندرك بان القبول العربي لمبدأ المفاوضات مع الصهاينة ما هو إلا أستخفاف إسرائيلي بعقولنا في الوقت الذي تحاول فيه حكومة الكيان إنتزاع أعتراف عربي بيهودية الدولة وذلك قبل أن تبدأ المفاوضات وهذا هو شرط "النتن – ياهو" وتوافق عليه الإدارة الأمريكية الراعية لهذه المفاوضات علما بان هذا المطلب هو أزلي أبدي يطالب به اليهود علي مر التاريخ ولن تحيد عنه دولة الكيان الصهيوني ولن تفرط فيه مهما أختلفت الأسماء وتعددت الوجوه وبذلك المطلب يتم طمس وشطب تاريخ أرض فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني علي كامل ترابه لتتحول إلي أرض الميعاد التي يتجمع فيها اليهود و بذلك لا تقوم لفلسطين دولة ذات سيادة ويتم ترحيل عرب فلسطين داخل حدود وحواجز هذه الدولة المسخ والتي لا تملك من معالم هذه الدولة سوي الأسم فقط ، وفي حالة ما إذا وافقت إسرائيل علي أقامة هذه الدولة ، إذن كل ما يجري من مفاوضات أو أتفاق علي تفاوض ما هو إلا عبث وعلي العرب جميعاً ألا يكونوا شهود زور علي هذا العبث الذي لن يأتي بأي نتيجة علي أرض الواقع وإسرائيل لن تتوقف عن مشاريعها الأستيطانية وعزمها في بناء 1300 وحدة أستيطانية جديدة بالقرب من بيت لحم بعد أنتهاء مهلة تجميد الأستيطان نهاية هذا الشهر، كما أنها لن تلغي مخططها في تهويد القدس ، ولن تعيد لاجئين ، ولن توافق علي أقامة دولة للشعب الفلسطيني مهما طال الزمان طالما لا توجد مقاومة ونجري وراء أوهام السلام مع إسرائيل ، كما أن المفاوضات التي تجري في ظل إختلال موازين القوي لن تكون أبدا في مصلحة العرب بصفة عامة ومصلحة الشعب الفلسطيني بصفة خاصة لان إسرائيل لن تكون علي أستعداد لمنحة أي شئ من خلالها ، أي أن هذه المفاوضات ولدت ميتة قبل أن تبدأ وسوف تتخذ إن تمت ذريعة لضرب حزب الله وحماس او إعلان حرب علي إيران وسوريا ، ومخطئ من يعتقد بان أي دولة عربية أصبحت بمأمن من أطماع اليهود أستنادا الي أتفاقيات او معاهدات او الإعتراف بها كدولة فالمسألة أكبر وأعمق من ذلك بكثير خاصة وأن الثوابت التاريخية تقطع بان كل من أعتقد أن الصراع قد أنتهي فهو مُخطي فلا يمكن أن تتخلي إسرائيل عن طموحاتها وحلمها في أرض الوعد او أرض الميعاد كما لايمكن أن تتخلي إسرائيل عن طابعها الديني العنصري ذات الطابع السياسي ، وان ساساتهم يتبعون ما يقولوه الحاخامات اليهود بان الأرض قد عادت أليهم لان الله وعدهم بذلك ولا يجرؤ احد من حكام إسرائيل ان يقول بغير ذلك ، وقد أقر مجلس الحاخامات الآعلي لمنظمة " اجودات " حول فلسطين عام 1937 وأقر بيهودية الدولة وحق الشعب اليهودي في أقامة الدولة اليهودية وأن التوراة هي دستور أساسي للدولة وهو فوق الحكومة وهذا ما تؤكده جميع السياسات القائمة منذ تأسيس هذا الكيان علي أنقاض دولة فلسطين المحتلة حيث لم يتخل القائمون عليها عن تمسكهم بطابعهم الديني علي التوسع والأستيطان وإيمانهم بالوعد الإلهي والعودة إلي أرض الميعاد وإقامة دولتهم إسرائيل الكبري من النيل إلي الفرات ، فكل الأحزاب السياسية تقوم علي هذه الرؤية الدينية العنصرية ، فكل مراحل الصراع العربي الإسرائيلي علي مر التاريخ من الحروب إلي المفاوضات والمعاهدات تؤكد بأنها ملتزمة مع العرب بأمور ومعتقدات دينية أصولية في الوقت الذي تسعي فيها أمريكا وإسرائيل بمحاربة كل ما هو إسلامي وتنكر علينا الدولة ذات الطابع الإسلامي وتناصبها العداء والحرب مهما كلفها ذلك من ثمن اوخراب اودمار وفي ذلك تتخذ من الأمور السياسية وسيلة لتحقيق غايتها الدينية في قيام إسرائيل الكبري ولن تحيد عن ذلك الهوس وللأسف الشديد السادة الحكام العرب غارقون أو يغرقون في وهم أسمه السلام خيار إستراتيجي ، ولما هذا هو خيارنا الوحيد وأين المقاومة في كل ما يجري من حولنا ولسنا نعني فقط المقاومة المسلحة ولكن نعني كل وسائل المقاومة ومنها السلمي من ضغط سياسي وكشف جرائم الكيان الصهيوني وفضح أساليبه الإجرامية وتتبع قاداتهم الأرهابين ومطاردتهم قضائيا وعدم أستقبال المسئولين الصهاينة في أي دولة عربية مع طرد سفرائهم وغلقها في البلدان التي تقيم معها علاقات دبلوماسية وتجميد او إلغاء المعاهدات ووقف كل وسائل التعاون الأقتصادي او التجاري معهم ومقاطعة بضائعهم ، ولكن لن ينصلح حال الأمة إلا إذا إنصلح حكام الأمة فبعد حكامنا وأنظمتنا عن نصرة الأخ والشقيق العربي وحرصهم علي قيام التحالفات مع أعداء الأمة لضرب كل من يقاوم الإحتلال من أجل البقاء والحفاظ علي العروش باعتبارأن من يحافظ علي أمن إسرائيل يحافظ علي نظامه وينال الرضا الأمريكي .
الـــوعـــي الـعـربـي