ثــــورة عــلـي فـــوهــة بـــركــــــان
المجلس العسكري يقول بأنه يدير ولايحكم فمن الذي يحكم إذن ، ذكرني هذا التصريح بفيلم وإسلاماه عندما جاء رسول قائد المغول إلي مصر بعد مقتل حاكم مصر "وقال لما نحب نكلم المصريين نكلم مين في مصر " ولكن يبدو أن الأوضاع بعد ثورة 25يناير وما صاحبها من تفويض الشعب المصري للمجلس الأعلي للقوات المسلحة باعتباره وكيلاً عن حماية مقدرات الشعب لا تسير في مسارها الصحيح والأمانة والتفويض يقتضيان بأن يقوم من تسلم هذا التفويض حماية مكاسب من فوضه في حماية الثورة والثوار وتنفيذ المبادئ التي قامت من أجلها الثورة ، وعلي المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة أن تدرك جيداً أن الكارثة قادمة لا محالة إذا ما تدهورت أمورإدارة شئون البلاد والعباد في مصر إلي الفوضي الممنهجة أكثر من ذلك فالثورة تتعرض للسرقة والتسقيع وأن التحريض المستمر والسكوت علي التجاوزات والأستهتار بعلامات التوتر المتزايدة والتحجج بالمؤامرات الخارجية والتستر علي الحقائق والتلاعب بمشاعر الجماهير سوف يعرض البلاد الي ما لا يحمد عقباه ، نحن مازلنا في توابع الثورة ولابد من إجراءات إستثنائية في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد وعلي المجلس العسكري التعامل مع ما جري علي أنه ثورة وليس حركة ، فالأصل في الثورة أنها رفض للواقع وتمرد عليه من أجل إحداث التغيير الجوهري وتستمد الثورة شرعيتها من أهدافها وأساليبها ولكن مشكلة الثورة المصرية أن من قاموا بالثورة ليسوا هم من أداروا البلاد وأن من قاموا بالثورة سلموا البلاد إلي أدوات النظام السابق ، والسؤال الذي يتم طرحه إذن كيف يكون الأمر عندما تقوم ثورة ضد الفساد والأستبداد ثم نجد أنفسنا أمام من يديرون البلاد بنفس الأفكار السابقة وأن عدم قيام الثوار بالإستيلاء علي السلطة هو الذي حال بينهم وبين تحقيق أهداف التغيير وتلك أحد خصوصيات هذه الثورة فمن يمسك بزمام الثورة اليوم هم ليسوا من الثوار ولذا وبعد مرور كل هذا الوقت علي الثورة لم يحدث أي تقدم في أداء وكلاء الثورة وحكومتها بل علي العكس من كل ذلك مزيد من التخبط والفوضي ، كذلك رئيس حكومة يده مغلولة عن إجراء أي تغييرات او إتحاذ أي قرارات تستمد شرعيتها من هذه الثورة ، كما أن المجلس العسكري الذي تسلم إدارة البلاد من الثوار وقدمنا له الشكر علي ما قام به وهذا ليس تفضل منه ولكن هذا هو واجبه الذي قام به ما زال يمارس نفس أداء النظام السابق في معالجة كافة القضايا من خلال تنفيذ ما يريده هو وليس ما يريده الشعب والثوار فهو يسير عكس إتجاه عقارب الساعة فلا الحكومة تحكم بالشرعية الثورية ولا المجلس العسكري يحكم بالشرعية الثورية ولهذه الأسباب نتج عن ذلك حالة من الفوضى التي تقع فيها البلاد مما أعطي الفرصة لعناصر الحركة المضادة بان تنهض من جديد للانقضاض علي أهداف الثوار ونخشى ما نخشاه أن تنتهي ثورة 25 يناير عند هذا الحد ولا تحقق للشعب المصري طموحاته في حدوث التغيير إلي الحرية والديموقراطية والعدالة الأجتماعية ونكتفي بما حدث باعتباره حركة تطهير او أنقلاب نجح في إزاحة رأس النظام وبقيت توجهاتة في الحكم والإدارة كما هو مع إجراء بعض الترميمات الظاهرية دون إقتلاع الفساد من جذوره وإن ظلت هذه الأوضاع علي ما عليه فيصبح ذلك مقصوداً ولا يتناغم مع فورة الشارع المطالب بسرعة إنجاز مهام الثورة فليس من المقبول او المعقول أن تمضي عليه إدارة البلاد بهذه الطريقة الترقيعية للنظام بهذه الطريقة وهذه الفوضى المقصودة في طريقة محاكمة الرئيس المخلوع وأركان نظامه وعلي رئيس المجلس العسكري المشير طنطاوي إنهاء حالة الفوضى والتخبط وأن يديروا البلاد بشكل واضح لا لبس فيه ولا غموض حتي لا يتحملوا مسئولية ما يحدث فالحل في يد المجلس العسكري ورئيسه إذا أراد أن يكتب التاريخ أسمه بأحرف من نور إذن الحل في يد المشير طنطاوي وسبق ان اقترحنا علي المشير طنطاوي ان يتخلي عن رئاسته للمجلس العسكري ويتسلم إدارة البلاد بوصفه حاكما عسكريا يعاونه في إدارة البلاد مجلس مدني من شخصيات مشهود لها بالوطنية وذلك لمدة عام حتي يتم ترتيب الأوراق وإعادة الهدوء الي البلاد ولكن أن تبقي هذه الأمور من الغموض والضبابية التي يمارسها وكلاء الثورة في تعاملهم مع الثورة فهذا يعرض البلاد لمخاطر كبيرة وأول هذه المخاطر هو حدوث مواجهات بين الجيش والشعب في ميدان التحرير وفيها يتم سحب التفويض من المجلس العسكري وإن حدث هذا سوف يعرض البلاد الي الدمار والخراب ولن تقوم لمصر قائمة ، أن تراجع المجلس العسكري عن بعض مواقفه وأخطائه في تعامله مع الثورة عقب تنحي الرئيس المخلوع ليس من قبيل العيب بل أن تصحيح مواقفه هو من يعيد البلاد الي الأستقرار والتوازن وعلي السيد المشير طنطاوي بوصفه رئيس المجلس العسكري وليس بوصفه قائدا أعلي للقوات المسلحة أن يختار بين طموحات الشعب في الوصول بالثورة إلي أهدافها أو أن يترك هذه الأمانة لمن يراه مناسباً أو أمينا علي الخروج بالثورة إلي بر الأمان وكذلك عليه أن يخرج من صمته ويتحدث إلي الشعب المصري بكل شفافية وصراحة لاستبيان ما يدور في كواليس البلاد حتي يعلم المصريون كيف يفكر الرجل وما هي رؤيته فيما يجري وكيف يخطط لمستقبل البلاد فالشعب يريد أن يعرف من يسرق الثورة ومن يدير البلاد ولماذا تسير الأمور بهذا التباطؤ الذي يصل الي حد التواطؤ ولمصلحة من ؟
الوعي العربي