الأربعاء

الـــــــرئيـس نجــــــــــــــاد وجــــريمـــــتة فـــــي لبنـــــــــــان



جاءت زيارة الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد إلي لبنان لتجسد حدثا تاريخيا غير مسبوقاً ولم تشهد له المنطقة مثيلا منذ عهد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وحتي اليوم ولكن هذا قياس مع الفارق وليست هناك اي مقارنة بين نجاد والزعيم القومي والعربي والافرواسيوي عبد الناصر وذلك لاعتبارات لا يتسع المجال لذكرها الان ولكن المقارنة تكمن بين الرئيس نجاد الذي فرض السياسة الايرانية علي الساحة وحكام الصمت العربي فاقدي الشرعية والأهلية فلم نعد اليوم نري مثل هذه الاستقبالات الرسمية والشعبية لأي حاكم عربي من الملوك والرؤساء أصحاب العروش والكروش ولا حتي في بلادهم وعقر دارهم لان الحكام العرب اليوم يعيشون بمعزل عن شعوبهم فالحاكم في وادي والشعب في وادي آخر علي الرغم من قيام بعضهم زيارة لبنان بعد حرب تموز 2006 إلا انها لم تحظي بأي أهتمام من الشارع العربي او اللبناني لقناعته المسبقة بأهدافهم من تلك الزيارات والتي يعلم خباياها وخفاياها جيداً ومن ورائها ، وما العيب في أن يأتي الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد أو حتي خامنئي لزيارة أي قطر عربي ؟ وما العيب في أن تخرج الجماهير بالملايين لاستقبال الرئيس الإيراني ؟ وما الجريمة التي أرتكبها نجاد عندما قرر زيارة الشقيقة العربية لبنان ؟ فهل كان يجب علي الجمهورية الإيرانية أن تحصل علي موافقة هذا البلد أو ذاك أم كان عليها أن تحصل علي موافقة السيد عمرو موسي الأمين العام للجامعة العربية التعاونية الاستهلاكية ؟ وما المانع في أن نفتح قلوبنا وعقولنا للجمهورية الإسلامية إيران فمن المؤسف حقا أنه في الوقت الذي تستباح فيه أرضنا وسمانا العربية لكل من هب ودب من الغزاة حتي العملاء نسمع أصواتا عربية وليست عبرية وفيها من يستهجن ويستنكر زيارة الرئيس الإيراني إلي لبنان بوصفها زيارة جاءت في غير توقيتها كما لو كان يجب علي الرئيس الإيراني أن يحصل علي موافقة من المندوب السامي الأمريكي بتحديد موعد الزيارة علي طريقة الحكام العرب ، فلم يجد هؤلاء المستنكرين والمستهجنين لهذه الزيارة علي طريقة المثل العربي "لم يجد في الورد عيب " إلا القول بان هذه الزيارة كانت زيارة طائفية في أشارة واضحة لحزب الله الشيعي والجنوب اللبناني وذلك لحشد اكبر عدد ممكن من الأصوات التي خرجت علينا في هذه المناسبة لكي تقلل من شأن هذه الزيارة مجاملة للمواقف العدائية الأمريكية والصهيونية للرئيس الإيراني ومواقف بلاده من أستخدام التقنيات النووية في المجالات المختلفة وتهديده لأمن إسرائيل ، ومن الحمق والتهور أن ننجرف إلي ما يرضاه ويرسمه لنا أعدائنا لكي نخوض صراعا وهميا وغير مبرر للنفوذ والسيطرة علي قوي أو دول ينبغي ومن المفروض أن نتكامل سويا ولا نعاديها سياسياً أو استراتجيا أو نتصور عبثاً أن العدو الحقيقي هو إيران ، أو تركيا مثلا ، اوحركات للمقاومة كحزب الله أو حماس بينما عدونا الحقيقي هناك في إسرائيل ومن ورائها من الحركات الصهيونية العالمية ، لابد أن نعترف بان هناك قصور اوتغييب للدور العربي وأن هناك أطرافا تحاول تحجيم هذا الدور وعلي رأس هؤلاء الكيان الصهيوني ، ومن الأسباب التي أدت إلي تقلص هذا الدور هو شعورنا بالخوف والقلق من أدوار إيرانية أو تركية ، وهذا القلق لايوجد ما يبرره في الوقت الذي لا نتعامل مع عدونا بمثل هذا القلق أو الخوف علي الرغم من أننا نمثل هاجسه الأول في مقام الاستهداف ، وما يدعوا للحزن فعلا هو ما نسمعه ونشاهده من أشخاص ذي مصلحة ينفثون في نار الفتنة لكي يظل هاجس الخوف أو القلق من دور أيراني متواجدا بصفة مستمرة هذا الهاجس الذي نعيشه لا فائز فيه سوي الكيان الصهيوني وهو رأس الأفعي ومن المفترض أن نتوجس خيفة منه في الوقت الذي يبدو هو أصدق أصدقائنا للدرجة التي يصرح فيه أركان الكيان الصهيوني في وسائل الإعلام بالقول بان أصدقائنا العرب أصبحوا يلتقون معنا فيمن يمثل عدونا المشترك والمقصود بالعدو المشترك هي إيران بالطبع ،وما الذي يمنع أن يكون العرب وإيران ضد عدو تاريخي واحد يهدد أمننا ووحدتنا وما المانع أن نتواصل ونتفق و تتوحد الجهود من أجل مواجهة خطر واحد ونحن أول المستهدفين منه ، ففي الوقت الذي نتحدث فيه عن السلام مع أعدائنا نقاطع ونتخاصم مع من يلتقي معنا في ثقافتنا وديننا ومن باب أولي يكون هناك صداقة وشراكة وتفاهم مشترك بيننا نحن العرب وإيران و لا أحد يستطيع أن يُنكر دورها الإقليمي الكبير في المنطقة والتي تعمل من أجل خلق وضعية فاعلة علي أرض الواقع تمنحها القوة في المجال النووي وتصنيع أسلحة متقدمة من صواريخ طويلة المدي وأقمار اصطناعية وخلافه ، أما نحن العرب فلا نكف الحديث عن مؤامرات إيران الوهمية نحونا ولا حديث لنا إلا علي فزاعة إيران في الوقت الذي لا نتحدث فيه عن إسرائيل العدو المتربص بنا ويملك ترسانة نووية تشكل أكبر خطر علي المنطقة ، لقد حقق العالم اليوم ثورة في الأنفتاح علي جميع القوي بالتفاهم والمفاوضات ونحن جزء من هذا العالم علينا أن نتواصل مع كل القوي دون إنحياز او تمييز، وللحقيقة نقول بأننا لنا تحفظات علي مواقف الدور الإيراني الذي كان ومازال لها دوراً سلبيا في العراق وشاركت في تدمير بنيته مع الإحتلال الأمريكي ولكن هذا لا يجعلنا نفرط في التفاهم والتعاون معها و تحذيرها والطلب منها أن ترفع يدها عن العراق وتوقف تدخلها في شئونه الداخلية وسحب عناصر مخابراتها وحرسها الثوري ولكن لن يتأتى ذلك إلا إذا كان هناك موقفا عربياً موحداً من الاحتلال الأمريكي البغيض ومن الأجدر لنا والأجدى أن نحاول التصدي لهذه الأطماع وإيقاف كل من له شهية نحو العراق سواءا كان إيرانيا آم أمريكيا علي حد سواء بدلا من تركها فريسة للاثنين ، وعلي إيران أيضا أن تراجع مواقفها العدائية ضد العراق حتي لا تفقد شعورنا بالتعاطف معها ، ولذا علينا إصلاح ما تكسر علي صخرة الفتن والمواقف التي رسمها لنا أعدائنا وأن نلقي جانبا مبررات الشعور بالقلق العربي العربي ، والعربي الإقليمي من خلال أن تتفق جميع القوي الإقليمية في إستراتجية واحدة ، لقد أصبحت إسرائيل هي محرك اللعبة في منطقتنا العربية لتكون فيها هي المنتصر الوحيد ولذا ينبغي أن تتلاقي المصالح المصرية العربية والإيرانية والتركية وأن نفكر في الخروج من المآزق الخطير الذي لن يخرج منه ولن يربح أحد من وراء مسلسل التراشق ، والتخوين فهذا عميل وهذا خائن ،وهذا معتدل ، وهذا ممانع وهذا شيعي ، وهذا سني ، وذاك فارسي إلا الكيان الصهيوني فلابد أن تتغير المعادلة وأن ننحي بالإتهامات جانباً ويحرم الكيان الصهيوني من تحقيق إنتصار بلا حرب ، لقد نجحت الجمهورية الإيرانية في كسب كل الجولات بل وتفوقت علي كل الدول العربية مجتمعة وأصبحت منافساً ولاعباً رئيسياً ومحركاً إقليميا كبيرًا في كثير من قضايا الشرق العربي و تفوقت طهران علي دولنا العربية في مجال التسلح وتطويره وتنمية قدراتها العسكرية في الوقت الذي ما زلنا نعتمد علي التسليح الأمريكي الفاسد الذي يستنفذ قدراتنا ويعطل أفكارنا ويدمر أقتصادنا مقابل ما تسلمه إلينا من معونات و من أسلحة خالية من التكنولوجيا الحديثة هذا بالإضافة إلي تفوق إيران عن العالم العربي في مجال الفضاء و الطاقة النووية وقدرتها علي تنفيذ برامجها النووية سواءا كانت في المجال السلمي أو المجال العسكري وذلك باعتبار أن هذا هو حقها الطبيعي وعلي الرغم من كل الضغوط التي تمارسها أمريكا وحلفائها من الدول الغربية والعربية لوقف برامجها النووية إلا أن إيران تتطور يوما بعد يوم لتصبح الأزمة الأهم والأخطر التي تشغل العالم علي الرغم ما تملكه أمريكا من وسائل للضغط والقوة إلا أنهم لم يستطيعوا السيطرة علي دفة الحوار معها ولم تفلح معها أي وسائل من وسائل التهديد والوعيد ومازالت طهران ماضية في طريقها لا تلتفت ورائها وتحاول كسب مزيداً من الوقت دون أن تتوقف عن تنفيذ خططها النووية مؤكدة بأنها لن تتراجع عن المضي قدما في تطوير برامجها النووية ، واخيراً علي العرب حكاماً أن يراجعوا سياساتهم لينالوا أحترام الشعوب وللذين ينفخون في نار الفتنة نقول لهم موتوا بغيظكم . 
الـــوعـــي الـعـربـي