عــــــــرقـــنــــــة الـــثــــــورة الليبيــــــــــــة
إن ما يجري اليوم علي أيدي الرئيس القذافي وأبنائه هو درب من دروب الجنون فعلا وأن إصراره الواضح في البقاء في السلطة حتي آخر ليبي هو نوع من أنواع الوهم الذي يصوره له عقله المريض بمرض السلطة ، والحقيقة أن مرض التشبث بالسلطة إلي هذه الدرجة التي أصابت حكامنا قد أصابتهم فعلاً بالجنون وإنهم لايصدقون ما يجري حولهم من تغيرات في واقعنا العربي والذي بدأ في الزحف بعد أن أشتعلت بلادنا بالثورات الشعبية وأنتفضت الجماهير ضد الحكام الطغاة والمستبدين من ملوك ورؤساء أذاقوا شعوبهم مزيدا من القهر والظلم علي مدار عقود وأجيال ، واليوم ونحن أمام مصدر هذا الإلهام الثوري والذي تولد مع الثورة الشعبية في تونس والثورة الشعبية في مصر فقد تغير الحال وعلي حكامنا من أصحاب العروش والكروش أن يفهموا ويعوا انه لا عودة لعقارب الساعة مرة ثانية فقلنا من قبل بان المارد العربي خرج من القمقم ولن يعود إليه من جديد ،ولقد بلغت هذه الشعوب سن الرشد السياسي وعليها تقرير مصيرها بما تراه مناسبا لها ، إلا أن ما يجري علي الساحة الليبية يدعونا إلي القلق علي ما يجري من أحداث دموية دفع بها هذا الرئيس المجنون وأولاده الذين يتفوقون عليه في الجنون وهذه هي سقطة القذافي السياسية والتي سمح فيها لأبنائه بتصدر المشهد منذ البداية وتهديدهم البلاد بالدخول في الحرب الأهلية الدموية ومع إصراره الواضح في البقاء في السلطة والتشبث بها وإقدامه علي حرق الأخضر واليابس علي طريقة نيرون مما أوجد المبرر للتدخل الأجنبي في فرض سيطرتة علي ثروات البلاد وتسليمها لهم علي طبق من ذهب وبذلك يكون تم إستدراجه إلي مصيدة غزو العراق ولكن هذه المرة بيدي لا بيد بوش وبتصرفات غير مسئولة ومجنونة من الأخ العقيد وأخطائه التي يرتكبها في حق شعبه والتي لم يكتفي بها علي مدار أربعون عاما أو يزيد ، ولكن ليس معني ذلك بأننا نوافق علي هذا التدخل من هذه القوي الإمبريالية الإستعمارية والتي تحاول البحث لها عن موطئ قدم لها وذلك عوضا لها عما فقدته من مراكز ثقل لها بعد هزائمهم المتلاحقة في العراق وفلسطين وأفغانستان ولبنان ولذا فقد أربكنا هذا العقيد بتصرفاته الطائشة والمجنونة وجعلنا في حيرة من أمرنا فهل نوافقه علي قتله وذبحه للشعب الليبي ونقف أمام ذلك صامتين أم نوافق علي هذا التدخل الصهيوأمريكي بما يسمح لهذه القوي إعادة تكرار سيناريو العراق من جديد ، حقا كلا الخيارين مر فالغرب هبط بأساطيله وعتاده وطائراته وبوارجه وحشوده قبالة السواحل الليبية تحت ذريعة حماية الثوار والشعب الليبي وهذا محض كذب وإفتراء فهذه القوي الإستعمارية لاتريد حرية ولا ديموقراطية لشعوبنا وإنما تريد نهب خير بلادنا ومواقعها الجغرافية الهامة ، وعلي الثوار الليبيون أحفاد البطل شيخ المجاهدين أمير الشهداء عمر المختار بان يرفضوا التدخل الأجنبي لبلادهم لانهم مصدر خطر علي هذه الثورة العفوية والتي قام بها الشعب الليبي بعد نجاح الثورة التونسية والثورة المصرية في إزاحة حكم الطغاة والمستبدين ولم يكن لأي من هذه القوي أي دور في التخطيط لهذه الثورة وذلك كما حدث مع ثورة تونس وثورة مصر وهذا سر نجاحهم . نحن لا نريد أن نكون عقبة في طريق الثورة والثوار الليبيين وهذا حقهم في التغيير الديموقراطي القادم لهم بعد إنطلاق شرارتها من تونس ومصر ، فما يجري في الجماهيرية الليبية اليوم هو وبحق نقطة تحول فاصلة في تاريخ هذا الشعب ، ولكن ما نشاهده حاليا في ليبيا هو غزو صريح لتغيير النظام الحاكم بالقوة المسلحة على طريقة المحافظين الجدد، ورئيسهم جورج بوش، لان الزعيم الليبي استنفد أغراض بقائه ، وحان الوقت من وجهة نظر الغربيين إلى التخلص منه ، ولهذا ركبوا الثورة الليبية وعملوا على إستغلالها وتوظيفها لمصلحتهم ، فمن منا يصدق أن مجلس الأمن وحلف الناتو وهذه الطائرات العملاقة وهذه الترسانة جاءت من أجل إنقاذ الشعب الليبي فكل هذه المشاهد قد شاهدنا مثلها إبان الغزو الأنجلوامريكي والصهيوني علي العراق ، فما أشبه الليلة بالبارحة فهو ذات السيناريو بذات التفاصيل الدقيقة لما جري للعراق فهذه المؤامرة لا تستهدف نصرة الثورة أو الثوار بقدر ما يستهدف تدمير ليبيا وعرقنتها وتقسيمها وتنصيب كرزاي او بريمر والعودة بها إلي ما قبل التاريخ فقط هم يريدون النفط ومن أجل النفط سوف يدمرون ليبيا ولن يجد الثوار بداً من التقاتل والخراب والموت وسوف تكون ثورتهم هي وقود هذا الغزو ، للأسف الشديد نحن نعلم ذلك ونشارك في تحطيم وتدمير ليبيا تحت زعم حماية الثوار وأن ما يقدمه العرب من غطاء ومبررات هي جريمة كبري ولن تغتفر ولكن يبدو أنهم لا يدركون ما يفعلون أو يفعلون ما يدركون ، وأن المؤامرة علي ليبيا سوف تطال الجميع ، لقد وجدت أمريكا ضالتها في هذا السيناريو فجاءت بكل جيوشها من أجل إعادة رسم ما كانت تعد له من تقسيم للمنطقة في السابق وإعادة إحياء مشروعها الشرق أوسطي الجديد ولكن بسيناريو مختلف وهي ألان نحو نقطة الانطلاق ، أمريكا والغرب لن يسمحا بعد أن نجحت الثورة التونسية والثورة المصرية بان يكونا عقبة لسيناريو تقسيم المنطقة العربية ، وأن غزو ليبيا سوف يكون المدخل لهذا المشروع وسوف تجني مصر وتونس والسودان ثمار هذا الصمت علي ما يجري من ذبح للشعب الليبي ، ولهذا نناشد كل الشرفاء من الشعب الليبي وكل الحكماء بان لا ينخدعوا وان يرفضوا التدخل بكل أشكاله من أجل حقن الدماء التي تسيل علي الأرض العربية ، فقد خسرنا الملايين في العراق ، ويعلم الله كم سنخسر في هذه الحرب الجديدة، حيث يعيد التاريخ نفسه، وحيث تتكرر الادعاءات والأكاذيب نفسها ، ونناشد الشعب الليبي بان يدركوا المؤامرة التي سوف تحدث للبلاد بل وللأمة العربية كلها وللبلدان العربية الثائرة من الغزو والإحتلال بحجة حماية الثوار والثورات وان يستجيبواللحوار علي قاعدة المطالب المشروعة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه فلا توجد ثورة بمساعدة غزاة صليبين وعلي الشعوب العربية الوقوف مع الشعب الليبي ومع الرئيس الليبي في مواجهة العدوان الاطلسي الذي يقتل الشعب الليبي العربي بأسلحته الفتاكة بحجة حماية الثورة والثوار فبئس الثورة والثوار اذا كانت بهذه الطريقة وعندها لن تكون ثورة وإنما غزو وإحتلال وان كان القذافي متهما بالجنون فعلا فسوف نكون أكثر جنونا منه اذا وافقنا علي ما يجري ، وعلي الشعوب العربية أن تتحرر بكامل إرادتها وبيدها لا بيد بوش
الـوعـي العـربـي
